
القصة بدأت بلقطة عابرة، حين التقى الرسام “المهندس طيار السابق”، بزميل الأمس الذي كان يملأ الفضاء هديرًا بطائرته الـ Su-22M4، فإذا به اليوم يسير على قدميه، يجر دراجته الهوائية في شوارع عدن، يحمل ذاكرة طيران وواقعًا لا يليق بأبطال مثله. لم يتردد زكي، ولم يقف عند حدود الأسى، بل تحرك في صمتٍ النبلاء، وأعاد إلى الطيار ما هو أغلى من المال: كرامته وأجنحته المعنوية.
لم تكن المبادرة مجرّد مساعدة مادية، بل كانت رسالة فنية وإنسانية، رسمها زكي بريشته وفعله، حين جسّد لوحة الوفاء الواقعي، فأعاد “العبار” إلى فضائه الطبيعي، فضاء الكرامة والعزة.
ولم يكن وحده في هذا الميدان، فرجال يافع كما عهدناهم، كانوا حيث يُزرع الخير، يمدّون أيديهم بالعطاء بصمت، بعيدًا عن الكاميرات، قريبًا من الوجع الإنساني.
ذلك المشهد، حين وقف “زكي” إلى جانب “العبار”، لم يكن مجرد موقف بين صديقين، بل درس للأجيال في معنى الأخوة، في أن الوطن لا يُبنى فقط بالبنادق، بل أيضًا بأيدي المخلصين الذين يرممون كرامة من سقطوا سهواً من ذاكرة المؤسسات.
اليوم، ونحن نكتب عن هذه المبادرة، لا نكتب عن “عمل خيري” بالمعنى التقليدي، بل عن عمل أخلاقي ووطني وإنساني جمع بين ريشة الفنان وروح الجندي، بين حسّ الجمال وشهامة المروءة.
شكرًا للرسام زكي اليافعي، الذي رسم بريشته لوحة الوفاء.
وشكرًا للعبار، الذي أعاد إلينا الإيمان بأن الأبطال لا يموتون، بل فقط ينتظرون من يزيل عن أجنحتهم غبار الزمن.
وشكرًا لرجال يافع العطاء والإنسانية، الذين ما خذلوا الخير يومًا، ولا نسوا أصحاب الفضل مهما تغيّرت الأحوال.