
بعض من الأسر كانت تأمل أن يؤدي تحسن سعر الصرف إلى تخفيض تكاليف التعليم، خصوصًا وأن هذه الرسوم لطالما ارتفعت بذريعة ارتباطها بالدولار والمستلزمات المستوردة، غير أن ما حدث كان هو العكس إذ واصلت إدارات المدارس فرض مبالغ طائلة متذرعة بتكاليف التشغيل والإيجارات والنقل والطاقة لكن هذه المبررات لم تعد مقنعة للناس، الذين يرون أن المؤسسات التعليمية تبحث عن أرباح إضافية على حساب مضاعفة اتعاب الأسر.
الوضع لم يعد مجرد قضية اقتصادية بل تحول إلى أزمة إنسانية تضغط على كل فئات المجتمع حد الاختناق، و الكثير من أولياء الأمور أصبحوا عاجزين عن سداد الفواتير الباهظة ما يهدد مستقبل أبنائهم بالتسرب من المدارس أو التوقف عن مواصلة التعليم الجامعي، وهنا تتضح قسوة الصورة، فالتعليم أصبح تجارة مربحة للبعض بينما ملايين المواطنين عاجزون عن تلبيتها لأبنائهم.
الأخطر من ذلك غياب الرقابة الرسمية وفتح الباب واسعًا أمام المؤسسات التعليمية لتفعل ما تشاء، فلا توجد آليات تُلزمها بربط الرسوم بتحولات سعر الصرف ولا شفافية في إعلان طريقة حساب هذه التكاليف، و النتيجة تكون أن المواطن وحده من يدفع الثمن فيما تستمر المدارس في جني الأرباح متجاهلة الواقع المرير الذي تعيشه أغلب الأسر.
نجزم أن هذا الوضع غير العادل يضع الحكومة والجهات المعنية أمام مسؤولية عاجلة، أن التعليم ليس رفاهية بل حق أساسي، ومن غير المقبول أن يتحول إلى سلعة يتحكم بها تجار الأزمات.
المطلوب اليوم هو تدخل حازم يلزم المؤسسات التعليمية بمراجعة رسومها بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي وضمان أن يصل أثر أي تحسن نقدي إلى الأسر التي تكافح من أجل مستقبل أبنائها.
إلى أن يحدث ذلك، ستبقى المدارس الخاصة في عدن عنوانًا للجشع وسيبقى أولياء الأمور يئنون تحت وطأة الفواتير التي تسرق قوتهم اليومي، فيما يحلم أطفالهم بحقهم البسيط في أن ينالوا حظهم من الدراسة مثل بقية أطفال العالم.