



14 أكتوبر / خاص:
محمد ناصر:
في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز العمل المجتمعي المنظّم، ودعم التوجّه نحو تبنّي مفاهيم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، نظم مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية والاستشارات والتدريب، في العاصمة عدن، دورة تدريبية متخصصة بعنوان «اللجان المجتمعية: نحو اقتصاد أخضر وتنمية مستدامة»، بدعم من منتدى التنمية السياسية ومؤسسة برجهوف الألمانية، وبتمويل من المملكة الهولندية، وبمشاركة واسعة لقيادات اللجان المجتمعية في مديريات العاصمة عدن.
وتأتي هذه الدورة في ظل تزايد التحديات البيئية التي تواجه المجتمعات المحلية، وارتفاع الحاجة إلى تعزيز دور الفاعلين المجتمعيين في حماية البيئة، وإيجاد حلول تنموية مستدامة تنطلق من المجتمع نفسه، ويُعد الاقتصاد الأخضر أحد أبرز المسارات الحديثة التي توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية، الأمر الذي منح الدورة أهمية خاصة لدى المشاركين والجهات ذات الصلة.
انطلاقة الدورة
وشهد حفل تدشين الدورة حضور عدد من القيادات المجتمعية والمهتمين بالشأن البيئي والتنموي، حيث ألقت الدكتورة جاكلين منصور البطاني، رئيس مركز رؤى، كلمة ترحيبية أكدت فيها أن المركز يضع ضمن أولوياته بناء قدرات القيادات المجتمعية، وتمكينها من أدوات المعرفة والتخطيط والتنفيذ، بما يسهم في إحداث أثر إيجابي ومستدام داخل المجتمع.
وأوضحت البطاني أن الدورة تهدف إلى تعزيز وعي اللجان المجتمعية بمفاهيم الاقتصاد الأخضر، وإبراز دورها كشريك فاعل في حماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال برامج تدريبية عملية تستجيب لاحتياجات الواقع المحلي.
من جانبه، أكد العميد علي النمري، رئيس اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن، أن تنظيم هذه الدورة يمثل خطوة مهمة في مسار تطوير أداء اللجان المجتمعية، ورفع مستوى كفاءتها، مشيرًا إلى أن اللجان المجتمعية تمثل خط الدفاع الأول في العمل المجتمعي والخدمي، خاصة في القضايا البيئية والتنموية.
البرنامج التدريبي
وتضمّن البرنامج التدريبي للدورة، التي استمرت خمسة أيام متتالية، سلسلة من المحاضرات التخصصية التي قدّمها الدكتور جمال باوزير، رئيس وحدة حماية البيئة في مركز رؤى، حيث ركزت على تعزيز فهم المشاركين لمفاهيم البيئة والتنمية المستدامة، وتسليط الضوء على الاقتصاد الأخضر بوصفه مدخلًا تنمويًا يجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
كما تناول البرنامج التحديات البيئية المحلية وسبل معالجتها من منظور مجتمعي، مع إبراز الدور المحوري الذي يمكن أن تضطلع به اللجان المجتمعية في الحد من التلوث، ونشر الوعي البيئي، والمساهمة في حماية الموارد الطبيعية.
وجرى خلال الجلسات تدريب المشاركين على آليات التخطيط للمبادرات المجتمعية، وإدارتها بصورة فاعلة، وضمان استدامتها على المدى الطويل، إلى جانب تعزيز مهارات العمل الجماعي، وبناء الشراكات المجتمعية التي تسهم في تحويل المعرفة النظرية إلى ممارسات عملية على أرض الواقع.
التطبيق العملي والنزول الميداني
وفي إطار ربط الجانب النظري بالتطبيقي، شهد اليوم الرابع من الدورة نزولًا ميدانيًا للمشاركين إلى ساحل فقم بمديرية البريقة، حيث جرى تنفيذ مبادرة بيئية لتنظيف الساحل، بمشاركة فاعلة من قيادات اللجان المجتمعية.
وتم خلال الحملة رفع كميات من المخلفات والنفايات الصلبة من الشريط الساحلي، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على البيئة البحرية، والحد من التلوث، وتعزيز ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية المجتمعية.
وأكدت الدكتورة جاكلين البطاني أن هذه المبادرة تُعد نموذجًا عمليًا للدور الذي يمكن أن تقوم به اللجان المجتمعية في حماية البيئة، مشددة على أهمية استدامة مثل هذه المبادرات، وتحويلها إلى برامج عمل مستمرة داخل المديريات.
حفل الختام
وفي ختام أعمال الدورة، عبّرت الدكتورة جاكلين منصور البطاني عن فخرها بنجاح البرنامج التدريبي، مؤكدة أن مخرجات الدورة تمثل خطوة متقدمة نحو تمكين اللجان المجتمعية من قيادة مبادرات بيئية وتنموية مستدامة، مشيدة بمستوى الالتزام والانضباط الذي أبداه المشاركون طوال أيام الدورة.
من جانبها، قالت منال مهيم، ممثلة منتدى التنمية السياسية، إن هذه الدورة تأتي ضمن جهود المؤسسة لدعم المبادرات المجتمعية وتعزيز دور الفاعلين المحليين في تحقيق التنمية المستدامة، مثمنة الشراكة مع مركز رؤى، ومشيدة بالمستوى التنظيمي والمحتوى العلمي للدورة.
بدوره، أكد العميد علي النمري أن مخرجات الدورة ستنعكس إيجابًا على أداء اللجان المجتمعية في مديريات العاصمة عدن، مشددًا على أهمية استمرار مثل هذه البرامج النوعية التي تعزز العمل المجتمعي وتخدم قضايا البيئة والتنمية.
مخرجات وأثر الدورة
واختُتمت الدورة بتوزيع شهادات المشاركة على المتدربين، إلى جانب التأكيد على أهمية نقل مخرجات الدورة إلى الواقع العملي، واستمرار التنسيق بين مركز رؤى واللجان المجتمعية والشركاء الداعمين، لتنفيذ مبادرات مستقبلية تسهم في ترسيخ مفاهيم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.
وشهدت الدورة تفاعلًا لافتًا من قبل المشاركين، عكس مستوى الاهتمام الكبير بالمحاور التدريبية المطروحة، حيث اتسمت الجلسات بنقاشات مفتوحة ومداخلات نوعية أسهمت في إثراء المحتوى التدريبي.
وأبدى المشاركون حرصًا واضحًا على تبادل الخبرات والتجارب العملية المستمدة من واقع عملهم المجتمعي في مختلف مديريات العاصمة عدن، الأمر الذي أضفى بُعدًا تطبيقيًا على البرنامج التدريبي.
كما طرح المشاركون عددًا من المبادرات والأفكار القابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ركزت على معالجة قضايا بيئية وتنموية محلية، وتعزيز دور اللجان المجتمعية في العمل التطوعي المنظم.
وأسهم هذا التفاعل في تعزيز روح الشراكة والتكامل بين المشاركين، وتهيئة بيئة تدريبية فاعلة تهدف إلى تحويل المعرفة المكتسبة إلى ممارسات عملية تسهم في تحقيق أثر ملموس ومستدام في المجالين البيئي والتنموي.

