
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
حقق الجيش السوداني والقوات المساندة له، تقدماً ميدانياً جديداً في جنوب كردفان باستعادة مناطق مبسوط والموريب وبانت وخور الصباغ، التي ظلت تحت سيطرة قوات "الحركة الشعبية- شمال"، بقيادة عبدالعزيز الحلو، لأكثر من 14 عاماً، في خطوة عدت إنجازاً ميدانياً كبيراً ضمن توسيع الجيش عملياته بالولاية.
وأوضحت مصادر ميدانية، أن تحرير "مبسوط" تم بعملية عسكرية كبيرة ومعارك عنيفة مع قوات "الحركة الشعبية" المتحالفة مع "الدعم السريع"، تمكن خلالها الجيش بمشاركة سلاح الطيران وأسلحة ومتحركات أخرى، من اختراق خطوط الدفاع الأمامية للعدو في عمق مناطق سيطرته التي تعد من أقدم وأبرز معاقل "الحركة الشعبية" في جنوب كردفان.
وتعد منطقة "مبسوط"، الواقعة شمال شرقي مدينة أبو كرشولا، من النقاط الحيوية التي كانت تعتمد عليها "الحركة الشعبية" في إدارة عملياتها العسكرية وتأمين مسارات الإمداد بجنوب كردفان، فضلاً عن أنها تفتح الطريق أمام الجيش للتقدم نحو مناطق أخرى لا تزال تحت سيطرة الحركة.
وفي فبراير الماضي، أعلنت "الحركة الشعبية- شمال" بقيادة عبدالعزيز الحلو، تحالفها مع "الدعم السريع"، بانضمامها إلى "تحالف السودان التأسيسي" (تأسيس) الذي تدشينه في العاصمة الكينية نيروبي، وبات يطلق على قواتهما اسم "قوات تأسيس" عند تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة.
وتعاني ولاية جنوب كردفان، خصوصاً مدينتي الدلنج وكادوقلي المحاصرتين، من أوضاع إنسانية صعبة بسبب استمرار العمليات العسكرية المتكررة، مما زاد من وتيرة النزوح الجماعي للسكان نحو المناطق والقرى الآمنة في الأيام الأخيرة.
وتتصاعد المواجهات العسكرية منذ أكثر من أسبوع، بين الجيش و"الدعم السريع" وحليفتها "الحركة الشعبية" بصورة مطردة في جنوب كردفان، إثر شن الأخيرتين هجومين حامية "كرتالا" التابعة للجيش بالمنطقة، لقطع الطريق أمام تحركات الجيش لفك الحصار عن مدينتي كادوقلي والدلنج.
وقبل يومين استعادت قوات الجيش والمجموعات المساندة بلدتي الدامرة والتبسة، غربي مدينة العباسية كبرى مدن ولاية جنوب كردفان، من قبضة قوات "الحركة الشعبية – شمال"، بعد معارك عنيفة.
وفي سياق المعارك المتصاعدة في غرب كردفان، لا تزال الأنباء تتضارب بشأن حقيقة موقف السيطرة في مدينة بابنوسة، التي أعلنت "الدعم السريع" سيطرتها عليها واجتياح مقر الفرقة 22 مشاة، آخر معاقل الجيش بالولاية.
وأكد بيان للجيش، أمس، أن قواته أحبطت "بقوة وحسم" هجوماً كبيراً شنته "الدعم السريع" على بابنوسة.
في المقابل، وإزاء نفي الجيش السوداني لسقوط المدينة، بثت "الدعم السريع" مزيداً من الفيديوهات التي تظهر وجود قواتها داخل مقر فرقة الجيش. كما بثت قوات الدعم كلمة لقائد عملياتها، العقيد صالح الفوتي، يشرح فيها تفاصيل العملية العسكرية التي أفضت إلى بسط السيطرة على المدينة.
وهنأت حكومة إقليم دارفور التابعة لتحالف "تأسيس" بما سمته "عملية تحرير الفرقة 22، والجهود التي بذلت لتحقيق هذا الإنجاز". ودانت في الوقت نفسه "الخروق المتكررة للهدنة من قبل الطرف الآخر"، لا سيما الاعتداءات الأخيرة التي وقعت في منطقة كمو بولاية جنوب كردفان، والتي أودت بأكثر من 45 مدنياً، فضلاً عن الاعتداءات التي تعرضت لها قواتها في بابنوسة.
وفقدت الفرقة العسكرية 22 بمدينة بابنوسة التي ظلت محاصرة لأكثر من عام، عدة ألوية عسكرية تابعة لها خلال تصعيد "الدعم السريع" في الأسابيع الأخيرة هجماتها البرية على المدينة.
في المقابل، كشفت مصادر عسكرية، أن قوات الجيش تعمل حالياً على استعادة التوازن والمبادرة وتثبيت نقاط ارتكازها بالمناطق التي فقدتها "الدعم السريع" وتمنع إعادة وتموضعها مجدداً، ولا تزال تنفذ عمليات هجومية خلف خطوط العدو وتقطع تواصلها بين غرب وجنوب كردفان.
وأشارت المصادر إلى أن الحشود الكبيرة لقوات "الدعم السريع" التي تجمعت في محيط بابنوسة باتت هدفاً مكشوفاً لسلاح الطيران ومسيرات الجيش من دون أن تمتلك الفرصة للمناورة التكتيكية.
وفي شمال كردفان أوضحت مصادر عسكرية أن قوات الجيش قصفت بالمدفعية الثقيلة، تجمعات للدعم السريع في شمال وشمال غربي مدينة الأبيض عاصمة الولاية.
في محور الصحراء، أوضحت المصادر أن الطيران الحربي للجيش يواصل تعقبه خطوط إمداد "الدعم السريع"، وشن أمس الثلاثاء، غارات جوية على منطقة المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، دمر خلالها عشرات العربات والشاحنات المحملة بالأسلحة والذخائر والعتاد الحربي والمؤن الغذائية.
وطالبت "شبكة أطباء السودان"، بفتح مسارات آمنة لإخراج الآلاف من المدنيين الذين لا يزالون محتجزين قسراً داخل الفاشر عاصمة شمال دارفور، في ظل أوضاع إنسانية صعبة تعيشها المدينة منذ أكتوبر الماضي، إلى جانب انقطاع وسائل التواصل والاتصالات.
واتهمت الشبكة، "الدعم السريع" بقتل أربعة أشخاص بينهم طفل بحي الدرجة بالمدينة، منوهة بأن استمرار تلك الانتهاكات يشكل تهديداً مباشراً لحياة المدنيين وينتهك كافة القوانين الدولية التي تراعي حمايتهم.
ودعا بيان للشبكة، المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية إلى التدخل الفوري لإنقاذ المدنيين المحتجزين في المدينة، والضغط على قيادات القوات التي ظلت تطالب بالفدية لخروجهم من المدينة، ناهيك بفصل الأسر عن بعضها.
ولفت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في السودان (أوتشا)، إلى استمرار انعدام الأمن بالفاشر رغم تراجع القتال منذ استيلاء "الدعم السريع" عليها، كما لا تزال هناك صعوبة في وصول المنظمات الإنسانية إلى المدنيين داخل المدينة.
وأشار المكتب إلى استمرار وصول نحو 300 نازح يومياً إلى مدينة الدبة بالولاية الشمالية، وارتفاع أعداد النازحين إلى أكثر من 106 آلاف حتى أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فضلاً عن نزوح أكثر من 1600 شخص من منطقة "كرتالا" بجنوب كردفان بسبب تصاعد العنف والمواجهات.
