في تلكم الليلة الأكتوبرية المباركة بإرادة المقهورين ظلماً، والمسنودة بأوجاع الشقاة المدقعين جوعاً.. صوبت من فوهة بندقية الفلاح البدوي البسيط راجح بن غالب لبوزة الرصاصات الأولى صوب صدور فلول المستعمر البريطاني الجاثم على أنفاس بسطاء الوطن الجنوبي بقوة السلاح..
كانت الرسالة واضحة.. ما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة، وقد طفح الكيل بجموع البسطاء التواقين لنبذ كل صنوف الظلم والاستبداد ونهب مردود العرق من جباه وزنود الشقاة الكادحين الموقنين علم اليقين بأن فجر الخلاص من مواجع العهد الاستعماري المزري لن يمحو هذا الليل بغير تقديم قرابين فداء الوطن.. نضال وتضحيات قوافل من الشهداء الأبطال وشلالات دماء عطرة يانعة.
حينها اندفع كل بسطاء جنوبنا المحتل آنذاك وبإرادة جماعية ثورية لدك ثكنات ومواقع جحافل المستعمر البريطاني وأسناده المخبولين بداء العمالة والارتزاق.
كل بسطاء الوطن عطروا تربة الوطن بعبق دمائهم وأرواحهم الطاهرة توقاً لانتزاع حريتهم واستعادة كرامتهم وكرامة وطنهم المدنس بشيطنة جحافل الاستعمار وأربابه، وليستعيدوا بنضالهم الوطني الدؤوب وطنهم المسلوب، ليستعيدوه ببسالة نضال البسطاء الموجوعين الشجعان.. صنعوا نظاماً وطنياً ديمقراطياً لكل الأحرار وواحة وطنية يتنفس بين أفيائها كل عشاق الحرية.
ثورة أبت أن تكون إلا سنداً لكل الموجوعين ولكل أحرار المعمورة.. سلاماً لكل المخلدين المنحوتين بقلوب وذاكرة تاريخ خلاص الوطن من كل شرور الهيمنة والثروات واستغلال الإنسان والدوس على كرامته.