




أبين / 14 أكتوبر (خاص)
في محافظة أبين، التي تعاني من تداعيات بيئية ومناخية متزايدة خلال السنوات الأخيرة، تتجه الأنظار نحو مبادرات نوعية تُسهم في تمكين المرأة وتعزيز قدرتها على قيادة جهود التكيف المناخي وبناء الصمود المجتمعي.
وفي هذا السياق، دشن مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية والبحوث والتدريب دورة تدريبية موسعة بعنوان"من الهشاشة إلى الصمود: تدريب الرائدات المجتمعيات لقيادة التكيف المناخي في أبين"، وذلك بدعم من مملكة هولندا ومؤسسة بيرجهوف، وبإشراف منتدى التنمية السياسية.
تمكين المرأة في مواجهة التغير المناخي
وشهد افتتاح الدورة حضورًا لافتًا من الجهات المعنية وممثلي المنظمات، حيث أكد المتحدثون على أهمية المشروع في تعزيز دور المرأة الريادي في التصدي لآثار التغير المناخي، باعتبارها أكثر الفئات المجتمعية تأثرًا به، والأقدر على قيادة مبادرات التكيف داخل مجتمعاتها المحلية.
وفي كلمتها الافتتاحية، قالت الدكتورة جاكلين البطاني، رئيس مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية والبحوث والتدريب، إن المركز يعمل على تعزيز الوعي البيئي والمناخي إلى جانب مجالات الثقافة والتنمية، وأوضحت أن اختيار محافظة أبين لتنفيذ الدورة لم يكن اعتباطيًا، بل لأنها من أكثر المناطق تضررًا من التغيرات المناخية، حيث تواجه تحديات متكررة في الزراعة وسبل العيش والبنية التحتية.
وأضافت البطاني أن الدورة تسعى إلى تمكين الرائدات المجتمعيات والنساء العاملات في الزراعة والحرف التقليدية، من خلال تزويدهن بالمهارات التي تؤهلهن لقيادة عمليات التكيف المناخي وصياغة السياسات المحلية ذات الصلة، مؤكدة أن النساء يشكلن عنصرًا محوريًا في بناء مجتمعات قادرة على الصمود أمام الكوارث البيئية والمناخية.
تمكين وريادة نسوية
من جانبها، أوضحت الأستاذة منال مهيم، منسقة مشروع تعزيز التماسك الاجتماعي المنفذ من قبل منتدى التنمية السياسية بعدن وأبين، أن المشروع يأتي ضمن برنامج متكامل لتعزيز التماسك الاجتماعي في المحافظتين، مشيرة إلى أن تمكين النساء الرائدات في هذا السياق لا يقتصر على البعد البيئي فحسب، بل يشمل أيضًا استعادة الدور القيادي للمرأة في الحراك المجتمعي بعد سنوات من التراجع.
وقالت مهيم إن النساء في أبين يمتلكن طاقات كبيرة، إلا أن تلك الطاقات تحتاج إلى فرص تدريب وتأهيل لإعادة توجيهها نحو خدمة التنمية المحلية وتعزيز مبادئ المشاركة المجتمعية الفاعلة، مشيدة بالدور الريادي لمركز رؤى في هذا الجانب.

بدوره، عبّر يحيى اليزيدي، مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في أبين، عن سعادته بانطلاق الدورة التدريبية، مؤكدًا أن أبين كانت ولا تزال من المحافظات الرائدة في النشاط النسوي والمجتمعي، رغم التحديات التي واجهتها منذ منتصف التسعينيات.
وأضاف أن دعم وتمكين النساء في مجال التكيف المناخي يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الصمود في وجه الأزمات البيئية، معربًا عن أمله في أن تنعكس مخرجات الدورة على أرض الواقع من خلال مبادرات نسوية فاعلة تخدم المجتمع المحلي وتحد من تأثيرات التغير المناخي.
مفاهيم البيئة والمناخ

وفي اليوم الأول من البرنامج التدريبي، قدمت المدربة يسرى صادق جلسة علمية وتفاعلية تناولت أبرز المفاهيم الأساسية المتعلقة بالبيئة والمناخ، شملت التعريف بالنظام البيئي ومكوناته، والتوازن البيئي، والعلاقة بين الطقس والمناخ، إضافة إلى شرح موسّع حول الغازات الدفيئة وظاهرة الاحتباس الحراري، ودور النشاط البشري في زيادة الانبعاثات الكربونية.
كما ناقشت الجلسة تأثيرات التغير المناخي على القطاعات الحيوية مثل المياه والزراعة والطاقة والصحة، وانعكاساته على الفئات الهشة، خصوصًا النساء والأطفال وذوي الإعاقة، مشيرة إلى أهمية دمج النوع الاجتماعي في السياسات البيئية لضمان شمولية الحلول.
تدريب واستثمار مستقبلي
وبحسب القائمين على الدورة، فإن البرنامج التدريبي سيواصل خلال الأيام المقبلة تناول قضايا أكثر عمقًا حول استراتيجيات التكيف المحلي وبناء المبادرات المجتمعية، مع تخصيص جلسات عملية تهدف إلى تحويل المفاهيم النظرية إلى خطوات تطبيقية قابلة للتنفيذ في القرى والمناطق الريفية.
ويشمل البرنامج أيضًا أنشطة تفاعلية تهدف إلى تعزيز روح القيادة لدى المشاركات، وتبادل الخبرات بينهن حول كيفية إدارة الموارد المحلية ومواجهة الأزمات البيئية بطرق مستدامة.

وأكدت إدارة مركز رؤى للدراسات أن هذه الدورة تأتي ضمن رؤية المركز لتعزيز المعرفة البيئية والمناخية في الوطن، وتمكين المرأة من لعب دور قيادي في صنع القرار على المستوى المحلي.
وأشارت إلى أن محافظة أبين تُعد من المناطق الأكثر هشاشة بيئيًا في البلاد، ما يجعل الاستثمار في بناء قدرات المجتمع المحلي – وخصوصًا النساء – ضرورة وطنية لتعزيز الأمن المناخي والاجتماعي على حد سواء.
جهود من أجل التكيف
وتُعد هذه الدورة جزءًا من الخطط التي ينفذها مركز رؤى بدعم تهدف إلى تعزيز التكيف المجتمعي مع التغير المناخي، وبناء شبكات محلية قادرة على الاستجابة بفعالية للتحديات البيئية والإنسانية في اليمن.

وفي ختام اليوم الأول، عبّر المشاركون عن امتنانهم لهذه المبادرة، التي اعتبروها خطوة مهمة نحو بناء وعي بيئي جديد في أبين، يقوده النساء من أجل مستقبل أكثر استدامة وصمودًا في وجه التغيرات المناخية.