بغداد / 14 أكتوبر / متابعات:
تُواصل شخصيات قيادية في الفصائل المسلَّحة الموالية لإيران، رفضها الدعوات المتكررة التي تصدر عن المرجعية الدينية في النجف، وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، بشأن «السلاح المنفلت»، فضلاً عن مطالب مماثلة تتبناها اتجاهات وأحزاب سياسية وفعاليات مدنية ترى «أن السلاح خارج إطار الدولة يمثل خطراً وتجاوزاً على حق الدولة في احتكار القوة وفرض النظام».
وأثارت تصريحات أدلى بها مسؤولون في فصائل مسلّحة، خلال الأيام الأخيرة الماضية، بشأن السلاح المنفلت، غضب وامتعاض قطاعات واسعة قريبة من المرجعية الدينية في النجف و«تيار الصدر».
وتعود حالة الغضب إلى أن كثيرين نظروا إلى تلك التصريحات «غير اللائقة» بوصفها «رداً ضمنياً» على دعواتٍ صدرت قريباً عن ممثل المرجعية الدينية في كربلاء، مهدي الكربلائي ومقتدى الصدر، بشأن السلاح المنفلت. وغالباً ما تشير عبارة «السلاح المنفلت» إلى الفصائل المسلَّحة «الولائية» المرتبطة بالمحور الإيراني.
واستغلّ من يُعرَف بالمتحدث الأمني لـ«كتائب حزب الله» العراقي، أبو علي العسكري، طقوس مراسم زيارة عاشوراء في كربلاء، لشن هجوم لاذع على دعوات نزع سلاح الفصائل. وقال، في تدوينة عبر منصة «إكس»، إن «نعيق المتخاذلين ينساق إلى صيحات الإجرام الصهيوأميركي للتخلي عن سلاح المقاومة في المنطقة، ومنه سلاح المقاومة في العراق الذي حمى الدولة والمقدّسات حينما انهزم الجمع وكادت بغداد تسقط».

وأضاف: «ليسمع العالم ومَن به صمم أن سلاح المقامة هو وديعة الإمام المهدي عند المجاهدين لحماية العراق ومقدّساته وقرار التخلي عنه لا يكون إلا بيدِ الإمام».
وعقب تدوينة العسكري، نشر الأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي تدوينة مماثلة يقول فيها إن «إلقاء السلاح في مواقف الكرامة لن ينتج عنه، فيما بعد، إلا الذل والهوان والحسرة والندم».
وما أثار غضب كثيرين أن تصريحات العسكري والولائي جاءت بعد نحو أسبوع من كلام «واضح» لممثل المرجعية الدينية العليا عبد المهدي الكربلائي، شدد فيه على «ضرورة تصحيح المسار وتدارُك ما فات»؛ في إشارةٍ للأوضاع السياسية العامة في البلاد، مع توجيهه دعوة واضحة إلى «حصر السلاح بيدِ الدولة ومكافحة الفساد ومنع التدخلات الخارجية بمختلف أشكالها».

وبعد بضعة أيام من تصريحات الكربلائي، جاء كلام لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، في السياق نفسه الرافض لوجود السلاح المنفلت، حيث جدّد رفضه المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال إنه «لن يُقـام الحق ولا يُدفع الباطل إلا بتسليم السلاح المنفلت إلى الدولة وحلّ الميليشيات، وتقوية الجيش والشرطة، واستقلال العراق وعـدم تبعـيته، والسعي الحثيث إلى الإصلاح ومحاسبة الفاسدين».
ورغم أن العسكري والولائي لم يشيرا، في تدوينتيهما، إلى «مرجعية النجف» أو إلى «مقتدى الصدر»، لكن اتجاهاتٍ واسعة فسّرت ذلك على هذا النحو. ولذا هاجم الناشط والمقرَّب من تيار الصدر سلام الحسيني، العسكري بقوة، وقال، عبر أكثر من تدوينة على منصة «إكس»: «خطير جداً أن يصل تمادي الإطار (التنسيقي) وفصائله إلى مرحلة الطعن بالمرجعية علناً، بعد دعوتها الأخيرة إلى حصر السلاح المنفلت بيد الدولة».
وتجدّد الجدل حول السلاح المنفلت بعد الهجمات الأخيرة بطائراتٍ طالت مناطق في محافظة كركوك وإقليم كردستان. وكانت وزارة الداخلية في الإقليم قد هاجمت بشدةٍ الفصائل المسلّحة واتهمتها بالوقوف وراء التصعيد الأخير.

وفي إشارةٍ إلى الطائرة المُسيَّرة التي سقطت في منطقة خالية بالقرب من أربيل، قالت وزارة داخلية كردستان إن «هذه الهجمات تُنفَّذ من قِبل بعض الفصائل التابعة للحشد الشعبي بهدف إثارة الفوضى». ودعت الجهات المعنية في الحكومة الاتحادية إلى أن «تضع حداً لهذه الأعمال التخريبية، وأن تتخذ الإجراءات القانونية بحق الجناة».