
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
تواصلت المواجهات العسكرية المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في محاور عدة بولاية شمال كردفان، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في المحور الشرقي لمدينة بارا نتج منها انفجارات قوية جراء القصف المدفعي المتبادل بكثافة.
وتراجع الجيش باتجاه مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان عقب سيطرة "الدعم السريع" على منطقتي الحمادي وكازقيل، وذلك لإعادة تموضعه وترتيب أوضاعه وخططه الاستراتيجية، بحسب مصادر عسكرية.
وقال مواطنون إن "الدعم السريع" ارتكبت انتهاكات واسعة ضد المدنيين، شملت القتل والنهب والتهجير القسري والاعتقالات، بعد سيطرتها على الدبيبات والحمادي وكازقيل بجنوب كردفان، ومحلية الخوي والقرى المحيطة بها بغرب
وأجبرت المعارك المندلعة في جنوب وغرب كردفان آلاف المواطنين على الفرار من مدينتي الدبيبات والخوي والقرى المحيطة بها، سيراً على الأقدام نحو مدينة الأبيض وبلدة أم صميمة بشمال كردفان.
ودفع الجيش بتعزيزات عسكرية ضخمة في محاور جنوب وغرب الأبيض تمهيداً لاستئناف المواجهات العسكرية، فيما تعمل قوات "الدعم السريع" على تعزيز وجودها العسكري في المناطق التي سيطرت عليها أخيراً في السودان.
من جانبه أشار مستشار قائد "الدعم السريع" الباشا طويق إلى أن قواتهم ألحقت أكبر خسارة بالجيش منذ دخوله ولايات كردفان، منوهاً في منشور على منصة "إكس" بأن هذه التطورات تمثل قاصمة ظهر للجيش والقوات المتحالفة معه.
وبين أن السيطرة على مدن الأبيض والرهد وأم روابة الواقعة في ولاية شمال كردفان، وكوستي بولاية النيل الأبيض باتت مسألة وقت، وذلك بعد هزيمة "متحرك الصياد" التابع للجيش في المعارك الأخيرة.
فيما قال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إن "إعادة التنظيم والتركيز على إتمام الخطوات المتبقية لا يعني أننا نتراجع أو نضعف"، مشدداً في منشور له بـ"فيسبوك" على إيمانه الراسخ بقدرات القوات المسلحة والقوة المشتركة والمقاومة الشعبية.
وتابع مناوي "سنحقق النصر مجدداً كما فعلنا في جبل مويه وسنار والجزيرة والخرطوم، وسيفرح شعبنا المكلوم في إقليمي كردفان ودارفور قريباً، لأننا عاهدنا أنفسنا على التمسك بقضية الوطن، وكثيراً ما نستمد قوتنا من شعبنا الذي يساندنا".
أما في محور دارفور فقد شن طيران الجيش أمس سلسلة غارات جوية على مواقع "الدعم السريع" شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وفي المقابل استهدفت "الدعم السريع" بالمدفعية محيط قيادة الجيش، إلى جانب الأحياء السكنية الواقعة شمال المدينة، مما تسبب في وقوع قتلى وجرحى مدنيين.
كما شن طيران الجيش المسير أيضاً غارات مكثفة على مواقع "الدعم السريع" في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، لليوم الرابع على التوالي.
وبحسب شهود فإن الهجمات الجوية أحدثت انفجارات قوية وتصاعد الدخان في سماء المدينة، مشيرين إلى أنهم سمعوا دوي ثلاثة انفجارات قوية صباح السبت في وسط المدينة مع دخان كثيف.
وأكدوا أن صواريخ استهدفت مباني شرق صينية نيالا، ووقع اثنان منها في حيي المطار وكرري، فضلاً عن أحد الفنادق والدائرة الطبية التابعة لقوات "الدعم السريع".
وتعرض مطار نيالا الدولي لهجمات مماثلة أول من أمس الجمعة، فضلاً عن تعرض معسكر كشلنقو وهو مركز تدريب تابع لـ"الدعم السريع"، لهجوم عنيف بواسطة صواريخ شديدة الانفجار.
وكان الجيش شن غارات عدة على المطار بعد إعادة تشغيله، لكنها توقفت عقب إسقاط "الدعم السريع" طائرة حربية في الـ24 من فبراير الماضي شرق نيالا.
في الأثناء، أكد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أن المعركة مع "الدعم السريع" مستمرة ولن تتوقف إلا بالقضاء على هذه الميليشيات، وأن الحرب ستنتهي بسودان قوي موحد.
وأشار البرهان خلال حفل تخريج عسكريين في جهاز الأمن والاستخبارات إلى أن الحرب أثبتت أن القوات المسلحة وجهاز الاستخبارات العامة هما صمام أمان السودان، وواصل "تعمل قوات الجيش بكل تجرد ووطنية للحفاظ على وحدة وأمن البلاد، كذلك تسير المنظومة الأمنية والعسكرية على النهج ذاته، حيث تعمل على قلب رجل واحد من أجل وحدة السودان ودحر التمرد ورفع الظلامات التي أصابت أهله جراء انتهاكات آل دقلو الإرهابية".
وأردف "تقديرنا العميق لكل القوات المشتركة والمساندة التي ظلت تقاتل جنباً مع القوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة والعزة ضد ميليشيات ’الدعم السريع‘، دفاعاً عن السودان وأمنه"، مؤكداً أن الحكومة ماضية في إكمال خريطة الطريق واستكمال مطلوبات الفترة الانتقالية.
وزاد قائد الجيش "نعمل جميعاً على وحدة الصف والمحافظة على مكتسبات البلاد ووحدتها، والنأي عن القبلية والجهوية والأجندة الحزبية والسياسية، وبناء سودان قوي، والاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب، وعدم تكرار ما حدث وعدم الانسياق وراء الشعارات التي دمرت السودان".
سياسياً، أكد رئيس وزراء السودان كامل إدريس أنه سيكرس كل وقته وجهده من أجل تحقيق العيش الكريم للمواطن السوداني.
وبحث إدريس عقب أدائه القسم أمس السبت مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان تطورات الأوضاع في البلاد، لا سيما الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية.
ويتوقع أن يدخل إدريس في مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ تعهد الجيش بعدم التدخل في قرارات رئيس الوزراء، وألغى قائد الجيش إشراف أعضاء مجلس السيادة على الوزارات.
وعين كامل إدريس رئيساً للوزراء في الـ19 من مايو الماضي، إذ يعد أول شخص يشغل المنصب بعد استقالة سلفه عبدالله حمدوك في يناير 2022، إثر تعثر التوافق بين القوى السياسية بسبب الصراعات التي خلفها انقلاب الـ25 من أكتوبر 2021.