الحزب أعلن حل الهيكل التنظيمي و"العدالة والتنمية" يرحب بالخطوة وبارزاني يشيد بـ"النضج السياسي"




أنقرة / 14 أكتوبر / متابعات:
أعلن حزب العمال الكردستاني اليوم الإثنين حل نفسه وإنهاء أكثر من أربعة عقود من حمله السلاح ضد الدولة التركية خلفت أكثر من 40 ألف قتيل.
واعتبر الحزب في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء المقربة منه، أنه أنجز "مهمته التاريخية" و"أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل من طريق السياسة الديمقراطية".
وأكد الحزب أن مؤتمره الثاني الـ12 الذي عقد في جبال قنديل بشمال العراق بين الخامس والسابع من مايو الجاري، "اتخذ قرارات بحل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح وإنهاء الأنشطة" التي كانت تمارس باسمه.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني دوران كالكان للمندوبين في تصريحات نقلتها وكالة فرات "هذه ليست النهاية، بل هي بداية جديدة".
ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها في الـ27 من فبراير مؤسس الحزب عبدالله أوجلان المسجون على جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول منذ 1999 حث فيها مقاتليه على نزع السلاح وحل الحزب.
وعلى الأثر، وفي الأول من مارس الماضي أعلن الحزب الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون "منظمة إرهابية"، وقف إطلاق النار بأثر فوري.
ورحب حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس طيب أردوغان اليوم الإثنين بما اعتبره "خطوة مهمة نحو جعل تركيا خالية من الإرهاب".
وقال المتحدث باسم الحزب عمر جليك "يجب تنفيذ هذا القرار وتطبيقه بكل أبعاده"، معتبراً أن "إغلاق كل فروع حزب العمال الكردستاني وامتداداته وهياكله غير القانونية سيشكل نقطة تحول"، غير أن التفاصيل العملية لهذا القرار لم تتضح بعد.

ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان (76 سنة)، غير أن مسؤولاً في حزب العدالة والتنمية لمح إلى أن نظام اعتقاله "سيخفف"، من دون أن يتطرق إلى إمكان إطلاق سراحه، بحسب "صحيفة تركيا" الموالية للحكومة.
وقال هذا المسؤول "ستتخذ بعض التدابير الإدارية، سيعين ضابط لمساعدته في (سجن) إمرالي، ستخفف ظروف الاعتقال... ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب وعائلته".
ولفت أيضاً إلى أن الزعيم الكردي الذي يحظى بتقدير كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن و"يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج".
وقال حزب العمال الكردستاني اليوم إن حل نفسه "يوفر أساساً قوياً للسلام الدائم والحل الديمقراطي"، داعياً البرلمان التركي "إلى لعب دوره بمسؤولية تاريخية".
واعتبر رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني اليوم أن قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء السلاح سيعزز "الاستقرار" الإقليمي، وقال في بيان "إن هذه الخطوة تدل على النضج السياسي وتمهد الطريق لحوار حقيقي يعزز التعايش والاستقرار في تركيا وجميع أنحاء المنطقة".
وأضاف أن هذا القرار يضع "أساساً لسلام دائم وشامل ينهي عقوداً من العنف والآلام والمعاناة"، مؤكداً استعداد إقليمه "الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون لإنجاح هذه الفرصة التاريخية".
وقال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون إن البلاد ستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان المضي بصورة سلسة نحو دولة "خالية من الإرهاب"، بعد إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه.
وفي منشور على منصة "إكس"، قال ألطون إن العملية لن تكون قصيرة الأمد أو سطحية، وإنه ستُتخذ جميع الخطوات بشفافية وبما يراعي حساسية الأمور.

وفيما كانت جهود السلام مجمدة منذ نحو عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مبادرة قام حليفه الرئيس القومي دولت بهجلي بطرحها عبر وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، في أكتوبر 2024 على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة. ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحل حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه.
وصف أردوغان نداء أوجلان بأنه "فرصة تاريخية"، لكنه توعد بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني "في حال لم يف بوعوده".
وفي منتصف مارس الما ضي أكد حزب العمال الكردستاني "استحالة" عقد مؤتمر لإعلان حله بسبب استمرار القصف التركي على مواقعه.
وترى مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول أن "المحرك الأساس (لهذه العملية) كثيراً ما كانت رغبة أردوغان في تعزيز سلطته"، مشيرة في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أنه قد يترشح من موقع قوة في انتخابات 2028 في مواجهة معارضة منقسمة.
وتشير الباحثة إلى أن أكراد تركيا لم ينضموا إلى تظاهرات المعارضة التي نددت بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو منذ الـ19 من مارس الماضي، وهو مرشح حزب الشعب الجمهوري المؤيد للأكراد، للانتخابات الرئاسية المقبلة، وتضيف "يظهر غياب المشاركة الكردية في هذا التجمع نجاح استراتيجية أردوغان القائمة على مبدأ فرق تسد".
وتؤكد أن الرئيس التركي "كثيراً ما سعى إلى إثارة خلاف بين الحزب المؤيد للأكراد وبقية أحزاب المعارضة، وهذا ما يحدث بالضبط".

أُسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة "إرهابية"، وأطلق تمرداً مسلحاً ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكلون نحو 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وفي شمال العراق تقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب الذين يتمركزون في معسكرات في إقليم كردستان.