غضون
* كان الإخوان المسلمون في شمال اليمن قبل الوحدة حلفاء الرئيس علي عبدالله صالح ولعبوا دوراً مؤثراً في الحكم والحياة العامة واستمر هذا التأثير بل تضاعف بعد الوحدة على يد التجمع اليمني للإصلاح الذي نشأ نشأة أخرى من تحالف الإخوان والقوى التقليدية وفي مقدمتها القوى القبلية الأكثر تأثيراً في الحكم أيضاَ، وفي ذات الوقت تعزز التحالف مع الرئيس علي عبدالله صالح والذي كان له أبلغ الأثر في التطورات اللاحقة إلى اليوم، ومن بينها بروز الإصلاح كقوة رئيسية في هذه الأزمة وتصديه لمهمة إسقاط الرئيس علي عبدالله صالح بعد أن تم تحميله أخطاء الفترة الماضية ، رغم أن حزب الإصلاح كان جزءاً لا يتجزأ من النظام وفاعلاً رئيسياً في صناعة تلك الأخطاء الناتجة عن سياسات شارك حزب الإصلاح في وضعها وممارستها وكان يعتقد أنها تصب في خدمته. لقد تبنى حزب الإصلاح نفس سياسة الإخوان المسلمين المتمثلة في العمل المتأني والهادف للوصول إلى الحكم عن طريق تحريض الحكم القائم وجعله يتهاوى بسهولة، حيث سيطروا على منابر التأثير ومؤسساته التربوية والدينية والثقافية والإعلامية والنقابية ، ومن خلالها ركزوا على تغيير الأفراد وتوجيههم الوجهة التي زعموا أنها تخلق الفرد الصالح ، وبالتالي الدولة الصالحة، إذ بعد أن يسيطر هؤلاء على كل المؤسسات يصبح النظام خاوياً وبالتالي يسهل سقوطه أو السيطرة عليه.* لكن هذه النظرية ثبت فشلها ، فالأخوان لم يخلقوا أفراداً صالحين بدليل أن سلوكهم أثناء هذه الأزمة كان عدوانياً فضلاً عن أن أفراداً كثراً برزوا في الساحات المختلفة يؤيدون الرئيس علي عبدالله صالح ولهم الفضل في استمرار بقاء مظاهر الدولة أو النظام الذي يسعى الإصلاحيون لإسقاطه.لقد اكتشف الإصلاحيون إنهم بالرغم من قيادتهم لأحزاب اللقاء المشترك لم يتمكنوا من إسقاط النظام عن طريق ما يسمونه الثورة الشبابية السلمية ، والتي أضافوا إليها لاحقاً (الشعبية) بعد الحشد القبلي، وبدلاً من مراجعة الأسلوب الخاطئ في التغيير استمروا في الاندفاع القوي الذي أوقعهم في خطأ كبير تمثل في اللجوء إلى العنف الظاهر الذي لم تستطع إخفاءه كل الأساليب والجهود للترويج لخديعة (السلمية) وفي ذات الوقت وسعوا تحالفاتهم مع القوى القبلية المسلحة ومع القيادات العسكرية التي انشقت عن الجيش ومع قوى أخرى لا تؤمن سوى بالعنف كسبيل وحيد لتغيير الحكم ، وأبرز هذه القوى تنظيم القاعدة الإرهابي .. وكانت ثمرة ذلك سقوط نظرية (السلمية) وإعلاء راية العنف أو العمل المسلح الذي يمارسه حزب الإصلاح مثله مثل حلفائه ، وهو وحده الخاسر لأنه حزب سياسي كما يفترض وليس جماعة مسلحة. * إن تحول التغيير السلمي من دعوة إلى عمل مسلح مكشوف كما هو الحال اليوم في بلادنا يعطي النظام أو الحكومة مبرر المواجهة بالقوة المشروعة لقمع عمل مسلح غير مشروع ، وحتى الآن لم تقدم الحكومة على مثل هذا الإجراء رغم أنها قادرة عليه ، وتكتفي فقط بإجراءات دفاعية، وربما يرجع ذلك لتقديرات ترى وضعها في الاعتبار من قبيل أن الحلول السلمية لا تزال ممكنة أو تحاشياً لعدم توسيع دائرة العنف أو استجابة لضغوط دولية على أن تحول التغيير السلمي إلى عمل مسلح قد أضعف آمال التغيير في اليمن إلى حد كبير، والإصلاحيون وحلفاؤهم الذين انحدروا إلى العمل المسلح يتحملون وزر ذلك.