الشارقة/ متابعات:صدر عن قسم الدراسات والنشر بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، العدد الجديد من مجلة (الرافد)، لشهر سبتمبر/ 2011، حافلاً بالعديد من الدراسات العلمية والأدبية، إلى جانب المقاربات النقدية، والعطاءات الإبداعية المتجددة.في افتتاحية العدد توقف رئيس التحرير الدكتور عمر عبد العزيز عند (خواتم الشهر الفضيل)، مستذكراً نفحاته التي عبقت بها (الشارقة)، فاستدعت منها المعاني الكبيرة والقيم النبيلة لشهر الصيام.ومن أبرز الموضوعات التي حملها العدد الجديد، دراسة قدمها محمود كحيلة عن مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاول فيها تأويل وتحليل التوجه العام لكل الصياغات المسرحية التي عمل على كتابتها د. سلطان بن محمد القاسمي، الذي ما زال يرفد الساحة بنصوص هامة جدا ليست في الكتابات المسرحية لسموه فقط، وإنما في حركة الكتابة العربية بأسرها، وكان آخر ما رفدها به كتابه (الحجر الأسود). وهي نصوص - يقول الكاتب - تعكس وعياً بالتاريخ وتوظيفا له في خدمة الراهن.وفي السياق نفسه قدمت شيخة عبد الله الخاطري قراءة في البعد الإيديولوجي لرواية (الأمير الثائر)، والتي هي من إبداع الدكتور سلطان القاسمي أيضاً، وهي قصة حقيقية استمد مادتها وأحداثها وشخوصها من التاريخ، مقدماً لنا بهذه الحقيقة خطاباً روائياً ذا مرجعية تاريخية ليس للمتعة والتشويق فقط، بل من أجل تخليد ذكرى شخصية أمير شن ثورة على الاستعمار والظلم الذي اجتاح بلاده، ليؤكد مؤلف الرواية في نهاية روايته أن هناك في وطننا العربي أشباهاً كثراً للأمير (مهنا).وتواصلاً مع الثورة والربيع العربي، كتب د. عبدالمعطي سويد عن (غضب الشباب)، باعتباره (دراما ونصا ملهما للإبداع)، متوقفاً بنظرة فلسفية عند مشهد الشباب العربي الثائر، ذلك المشهد الذي يقتضي في رأيه من الجميع - المشاركين والمشاهدين لهذه المواكب البشرية العجيبة - أن يعمل كل منا فكره وعقله، وأن يعمل ما يتوفر له من حد أدنى من: موهبة مسرحية، أو شعرية، أو روائية، أو موسيقية، أو فنية، أو غنائية.وفي زاوية (تراث) كتب د. عمرو عبد العزيز منير عن (رحلات الحج التاريخية)، متأملاً مشاهد بانورامية من تلك الرحلات التي دونها أعلام ممن سلكوا طريق الحج، بما كان فيه من صعوبات مثلت الجانب الأكبر من الصورة، وبرغم تلك الصعاب ظلت الرغبة لتأدية فريضة الحج من أعظم البواعث للرحلات؛ تجتذب أفئدة المسلمين فتهوي إليه من كل فج عميق..وكتب عبد الرزاق صالح في ركن (مقاربات) عن (الأسطورة والشعر)، حيث رأى أن الشاعر الحديث المبدع هو الذي يستمد موضوعه من معاني الحياة، ويرفد هذه المعاني باتصاله بالماضي، على أن يكون هذا الاتصال حيوياً وليس جامداً، ويأخذ هذا الاتصال الحيوي ولع الماضي بالأساطير وتمجيد الحياة والأبطال والإنسان واكتشاف المعاني السامية والقيم الحياتية الواسعة.أما في الركن النقدي، فقد كتبت د. ديانا علي محمد عن رواية (الزيني بركات) لجمال الغيطاني، متخذةً من ثيمة (إشكالية السلطة وعلاقتها بالمجتمع) مدخلاً لمقاربة هذه الرواية المحمومة بالعلاقات المأزومة والقهرية والرأسية بين السلطة والمثقف والمهمش. وترى الكاتبة أن الغيطاني يحاول إسقاط الواقع الروائي على عصره، من حيث تغول السلطة على المثقفين.هذا إلى جانب موضوعات متنوعة في شتى المجالات المعرفية، التي تستحق القراءة والاطلاع.ملف العدد: الراحل إبراهيم سعفانفي لفتة وفاء إنسانية، خصصت الرافد ملف عددها الجديد للكاتب والأديب الكبير إبراهيم سعفان، ذلك المثقف العربي متعدد العطاءات، الذي قضى شطر حياته الأخير في دولة الإمارات، صانعا للثقافة ومساهما في تنشيطها. وقد احتوى الملف على أربعة موضوعات؛ كتب أولها الناقد عبد الفتاح صبري، عن القصة عند إبراهيم سعفان.. بين الزمن النفسي والاغتراب، وقد لاحظ أن قصص إبراهيم سعفان القصيرة جداً، تأتي مرتكنة إلى الخيال وعمق الدلالات والسرد المراوغ، والإيقاع القصصي المتوتر، والساخر أحياناً، كما يلاحظ في الجانب المضموني رفضها لآليات القمع، متشحة بوشائج الغربة والاغتراب.أما خليل الجيزاوي، فقد رصد تجليات (الثورة بين الواقع والحلم) من خلال قراءة في قصص (قبل أن تنطفـئ النار) للراحل إبراهيم سعفان، معتبراً أن الكاتب في قصص هذه المجموعة يقدم رؤية شمولية واقعية تسجيلية تتبنى أحلام وطموحات الإنسان العادي والمغمور والمقهور تحت عجلات قطار الحياة، ذلك الطموح الذي لا يقبل الواقع البغيض، بل يتأمل ويلاحظ إشكاليات العملية الاجتماعية المتعددة من صراعات عقلية وفكرية لهموم الحاضر.ويكتب محمد قطب عن (إبراهيم سعفان مبدعاً قصصياً)، متوقفاً عند مجموعته القصصية بعنوان (القناع).. تلك المجموعة التي تتناول الخبيء من المشاعر الإنسانية في لحظات معتمة وموغلة في الغفلة والتوحش، متضمنة في سياقها التعبير الرمزي والإشارة الأسطورية والإحالة إلى المتغيرات في النفس والحياة.ويختم الملف بـ قراءة قدمها نبيل عبد الحميد، في (كتاب بحوث وقضايا وآراء معاصرة للكاتب إبراهيم سعفان)، الكتاب الذي يتناول فيه الراحل حضارتنا بين الأجداد والأبناء، فيقرر أننا أبناء حضارة عربية عظيمة.. أبناء حضارة قادت العالم إلى النور.. وأضاء شعاعها ظلام الأرض.. وهذا يعرفه الغرب جيداً.. بل يعرفه أكثر منا.. ولكن بمرور الزمن أصبح الحديث عن ماضينا مثل المخدر الذي نتعاطاه الآن لننسى مصائب الحاضر وآلامه.. وأصبحنا نعيش في خيالات هذا الحلم سعداء فترة ثم لا نلبث أن نفيق من هذا المخدر على واقعنا المؤلم، ثم نعود مرة أخرى لتعاطي المخدر.كتاب الرافد:( مكاشفات ذوقية لصفحات مطوية في تراثنا الشعري)ذلك هو عنوان كتاب الرافد المرافق لهذا العدد، للدكتور ياسين الأيوبي، ضمنه المؤلف وقفات ذوقية عند محطات من التراث الشعري العربي، بدءاً من العصر الجاهلي حتى العصور الوسطى، مروراً بالعصر الإسلامي، ثم الأموي، ثم العباسي. متوقفاً تارة عند ما هو جديد، أو طريف غريب، وتارة عند ما هو بليغ معبر يتذوقه الخبير العارف، متخذاً من الشرح المقتضب منطلقاً وتأسيساً، ومن التأمل والتحليل إطاراً عاماً لانكشافات ذوقية تفتح الكوى نحو آفاق الجمال.. مع العناية بلحظات لم يولها النقاد والدارسون ما تستحق التقدير والتظهير.