أهم محاور الندوة العلمية الخاصة بـ “حماية الحقوق في ظل سيادة القانون”
متابعة/ زكريا السعدي / تصوير /علي الدرب: اختتمت يوم الأربعاء الفائت بجامعة عدن فعاليات الندوة العلمية الخاصة بـ “حماية الحقوق في ظل سيادة القانون” التي استمرت يومين برعاية وزير التعليم العالي والبحث العلمي أ.د. صالح علي باصرة وبمشاركة نخبة من أساتذة القانون وعدد من الباحثين المختصين بهذا المجال.وقد أثريت الجلستان الثانية والثالثة اللتان اهتمتا بقضايا المجتمع المدني ونظام التأمينات الاجتماعية في التشريعات اليمنية.حيث فتح باب النقاش حول الموضوعات التي تطرقت إليها أوراق العمل وخرجت الندوة بعد ذلك بعدد من القرارات والتوصيات كان أهمها: تعزيز دور الإعلام والصحافة في التعريف بتشريعات المعاش والتقاعد والتأمينات والشيخوخة والعجز والوفاة ولصياغة وعي المواطن بحقوقه في هذه المجالات،نحاول هنا أن نطرح عددا من التلخيصات لما طرح في أوراق العمل:في بداية الجلسة الأولى تحدث أ.د. خالد عمر باجنيد أستاذ القانون العام وعميد كلية الحقوق بجامعة عدن عن مدلول حرية الرأي والتعبير ومكانتها الدستورية قائلاً: إن حرية الرأي والتعبير هي من أسمى أنواع الحريات لكونها تتعلق بالعقل واحترامه.. لكنها تعد أكثر أنواع الحريات تعقيداً، فكم من إنسان دفع الثمن غالياً لرأي عبر عنه حتى في مجتمعات تقر بالحريات العامة تشريعاً وممارسة.وأضاف.. لكن هناك مناخات وفرت حصناً مقولاً لحرية الرأي، حيث حرصت الكثير من الدساتير في المجتمعات المعاصرة على احتواء حرية الرأي والتعبير في نضوجها حتى أخذت حرية الرأي تندرج في الممارسات العامة.وتعد الجمهورية اليمنية جزءاً من هذا المناخ العام الذي أخذت تتشكل فيه الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير سواء على الصعيد الدستوري القانوني أو على صعيد الممارسة العملية. ومع قيام دولة الوحدة اليمنية أضحت هذه الحريات جزءاً من البنيان الدستوري والقانوني والاجتماعي، حيث أكد الدستور اليمني حرية الرأي والتعبير كونها من مقومات الديمقراطية، كما حدد الدستور طرق التعبير عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير على أن يتم ذلك في حدود القانون الذي يحدد نطاق القيود التي يراها المشرع.وحول حرية الرأي والتعبير بين الضمانات والضوابط القانونية والأخلاقية، - وهي المحور الثاني في ورقة د/ باجنيد المقدمة في الندوة ـ قال:وفيما يتعلق بحرية التعبير عبر وسائل المظاهرات والمسيرات فإن القانون وضع عدداً من الضوابط الإجرائية التي تكفل ممارسة هذه الحرية بصورة قانونية وبما يؤمن لها تحقيق غاياتها من دون الإضرار بالآخرين والإخلال بالنظام العام.وأضاف: أن حرية الرأي لا تعني تسليط رأي معين للتحكم في العادات الاجتماعية لباقي الآراء من دون إقناعها بأن هناك أسساً مقولة لعقلانية هذا الرأي.وفي هذا الإطار فإن حرية الرأي والتعبير ينبغي ألا تشكل إخلالاً بالنظام العام، وهذا يفرض على كل فرد في المجتمع ألا يمس بحق المجتمع في الأمن بمفهومه الواسع والسكينة العامة والصحة العامة والذوق الجماعي أو المساس بالآداب العامة والمعتقدات الدينية.[c1]حرية التعبير فيما لا يضر بالغير[/c]وفيها تحدث أ. مشارك د/ علوي عمر مبلغ عن أهمية بمفهوم المجتمع المدني وقال: إن غياب التثقيف والتربية عن هذا المفهوم أدى إلى وجود جيل يعتقد أن الدولة ومؤسساتها هي الشيء الثابت الحقيقي والدائم في المجتمع.وأوضح د/ مبلغ أن النظام السياسي في المجتمع العربي نتاج لمؤسستين هما: المؤسسة العسكرية والمؤسسة العشائرية أو هما معاً.. وأن مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الأحزاب السياسية عجزت عن أن تخلق توازناً بينها وبين المؤسسات التقليدية.كما تم التنويه إلى التجربة اليمنية من خلال تقييم الدورات الانتخابية المحلية والتشريعية النيابية أو الرئاسية عكست ما يفسر مشروعية الرأي والرأي الآخر، علاوة على أن تجربة عملية التعدد السياسي ونشر الصحف الأهلية والشعبية والحزبية والمظاهرات والاعتصامات السلمية هي الأخرى تندرج ضمن هذا الاتجاه، كما لابد من التأكيد أن الحرية لديها من المعايير ولاسيما المناطق المقدسة مثلما جرى في الرسوم الدنمركية وكذا إحراق المساجد من قبل الصرب في كوسوفو وهو أمر لا علاقة له بموضوعات الحرية سواء الشخصية أو العامة.
[c1]ضوابط حرية الرأي في التشريعات اليمنية[/c]د/ هدى علي علوي أستاذة القانون الجنائي المساعد (كلية الحقوق ـ جامعة عدن) تحدثت في ورقتها عن (الجريمة الصحفية) وهو محور من ضمن عدد من المحاور حيث قالت: إنه إذا كانت الجريمة الصحفية لا تختلف في جوهرها عن غيرها من الجرائم العادية، فإن تلك الحقيقة لم تحجب تساؤل الفقه حول طبيعة هذه الجريمة، وهو التساؤل الذي يثير من ناحية خصوصية الجريمة الصحفية واستقلالها عن غيرها من الجرائم، الأمر الذي يخضعها لأحكام ذاتية. ويطرح من ناحية أخرى وصف الجريمة السياسية الذي يقلق عادة لجرائم النشر.وغني عن البيان السبب الذي دفع بمعظم التشريعات الجنائية إلى تجنب استعمال اصطلاح جرائم الصحافة، حيث تفضل عليه تعبير الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر، وهو ما أخذ به المشرع اليمني عندما أثر اختيار مصطلح العلانية والنشر في الباب السادس من قانون الجرائم والعقوبات اليمني. وقد أعطى الفقه كلمة الصحافة في بحث العلاقة بين التجربة الصحفية وقانون العقوبات مدلولاً واسعاً بحيث يقصد به إلى جانب الصحافة المكتوبة كلاً من الصحافة المسموعة والصحافة المرئية، كما حدد الفصل الثاني من القانون رقم (25) لعام (1990م) حقوق وواجبات الصحفيين.[c1]التعويض عن الضرر الناتج عن استخدامات حرية التعبير[/c]أوضحت د. زينة محمد عمر أستاذة القانون المدني المساعد في كلية الحقوق (جامعة عدن) عدداً من المحاور في هذا الجانب بشكل موسع ونبرز هنا مقتطفاً من طرق التعويض: إن الهدف الأساسي الذي توخاه المشرع من تقدير التعويض الذي يترتب على الجزاء المدني يقوم أساساً على إصلاح الضرر، وهو يختلف باختلاف طبيعة المواد المتضررة، فإذا أمكن إزالة الضرر وإعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً كان التعويض عينياً. أما إذا تعذر ذلك فلابد من اللجوء إلى تعويض آخر غير العيني.[c1]أهمية حرية وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام تجاه مختلف القضايا [/c]الأستاذ المشارك د/ محمد عبده هادي قال في ورقته: نرى أن حال الإعلام العربي واليمني بمجمله، وأن كان يخطو خطوات خجولة على طريق اللحاق بركب الإعلام لا يزال قائما على مهمة توجيه الرسائل من المرسل إلى المتلقي فقط ،فلم يتغير ليلامس ماطرأ على الإعلام من تطورات كبيرة في شكله ومضمونه بل ما زال عاجزاً في زمن تغير فيه كل شيء وأصبح يستند على قاعدة التواصل أي الحوار، إعلاماً ذا اتجاهين لا مجرد إعلام أحادي الاتجاه يصب رسائله على مستقبليه أو مستلميه إذا جاز التعبير إنه التواصل الذي لا يقتصر على لإبداع بل على التعليم والترفيه واسترجاع المعلومات ويشمل التراسل عبر البريد الإلكتروني والتواصل مع حلقات النقاش وعقد المؤتمرات والندوات.إذاً التساؤلات التي تطرح نفسها:هل نحن جاهزون؟ وهل بإمكان إعلامنا الوطني أو العربي عموماً أن يستوعب كل ذلك ويرتفع إلى مستوى التواصل؟ وهل يمكن لأجهزة التشريع المحلية والعربية أن تضع القوانين واللوائح المنظمة التي تكفل للمواطن حقوقه الاتصالية بكل ما تعنيه الكلمة من ضمان لحماية خصوصيات بياناته وقدراته للوصول إلى شبكة الاتصال؟ الإجابة : ما نراه هو أن إعلامنا الوطني والعربي الرسمي تراجع بل يتخلف أكثر فأكثر والمواطن العربي يبتعد عن قنواته والفضائيات العربية الرسمية إلا في حدود ضيقة .[c1]حرية الصحافة بين الواقع والطموح [/c]الدكتور/ محمد علي ناصر من قسم الإعلام كلية الآداب بجامعة عدن تحدث عن مواضيع متعددة أهمها حرية الصحافة في البحث وقال:في 22 مايو 1990م تم تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري الوطن، واقترنت الوحدة بالديمقراطية التعددية الحزبية والسياسية ،ما يعني انتقال اليمن من النظام الشمولي الذي كان سائداً في كلا الشاطرين إلى النظام السياسي الديمقراطي، وقد خلق هذا الوضع الجديد مناخاً مشجعاً على ممارسة الحريات والديمقراطية بشكل عام، وجرى تأسيس العديد من الأحزاب السياسية وصدرت العشرات من الإصدارات الصحفية الرسمية والحزبية والأهلية المستقلة،وتوسعت قاعدة الحريات الصحفية من خلال ذلك . بعد صدور قانون رقم (25) لعام1990 م،بشأن الصحافة والمطبوعات في 23 ديسمبر 1990م وقد اعتمدت الدولة الجديدة التوجه الديمقراطي بإلحاق مبدأ حرية الإعلام والرأي بالأحكام الدستورية أو إثبات ذلك من خال الإقرار بالمواثيق الدولية،وإعلان حقوق الإنسان وبحسب ما جرى عليه النص في المواد ( 42،58،5،6،) من دستور الجمهورية اليمنية، فأن حرية الرأي هي إحدى أهم الأسس السياسية للدولة وهي المنبر الدستوري الجامع لقوائم النظام السياسي، فإذا كان مقرر نص المادة(6) قد جرى على تأكيد التزام الدولة باحترام كافة الحقوق والحريات التي أنتظمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنها حرية الرأي وحق التعبير عنه على نحو ما هو وارد في المادة (19) من هذا الإعلان فإن منصوص المادتين (42،58) يلزم الدولة بكفالة حرية المواطن في الفكر والرأي،و بتمكين هذا المواطن من التعبير والإعراب، عما يعتقده في نطاق هذه الحريات المكفولة، كما أن مؤدى دلالة الاقتضاء لمنطوق المادة (5) من الدستور مقرؤه: ( يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية..) يتمثل في أن حرية الرأي والفكر هي القوام الدستوري للنظام السياسي للدولة، وذلك باعتبار أن التعددية السياسية والحزبية،ما هي إلا مظهر تجسيدي وتمثل عملي وواقعي لحرية الفكر والرأي وبموجبه، يكون المشروع قد كفل حرية الرأي وأنزل حق التعبير المرتبطة به منزلة القيم العليا للجميع . وجرى نص المادة (3) من قانون الصحافة والمطبوعات النافذة وهو القانون رقم (25) لعام 1990م على أن ( حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم بالقول والكتابة أو التصوير أو الرسم أو بأي وسيلة من وسائل التعبير وهي مكفولة لجميع المواطنين وفق أحكام الدستور وما تنص عليه أحكام هذا القانون.[c1]منظمات المجتمع المدني وأعمال الحقوق[/c]د. عبدالوهاب شمسان نائب عميد كلية الحقوق بجامعة عدن أوضح قائلاً: وفي هذا المنحى تنص ديباجة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م على أنه:(من حق كل شخص بمفرده او بالاشتراك مع غيره، أن يدعو ويسعى الى حماية وأعمال حقوق الإنسان والحريات السياسية على الصعيدين الوطني والدولي). وتنص المادة (5) منه أيضاً على أنه (لغرض تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، يكون لكل شخص الحق بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطني والدولي، في أـ الالتقاء والتجمع سلمياً، ب ـ تشكيل منظمات أو جمعيات أو روابط أو جماعات والانضمام إليها والاشتراك فيها ج ـ الاتصال بالمنظمات غير الحكومية أو بالمنظمات الحكومية الدولية، كما ان دساتير بعض البلدان العربية نصت على الحق في تشكيل منظمات المجتمع المدني، وغياب تميز هذا الحق عن البعض الآخر.ولعلنا هنا نكون مبالغين إن قلنا إن منظمات المجتمع المدني مهمتها تتمثل بدرجة أساسية في استيعاب جملة المعطيات الضرورية الملازمة للمرحلة الراهنة التي تعمل من خلالها على توصيف الحقوق وإحقاقها في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية لصالح المجتمع المدني.غير ان هذه الحقوق نجد من يروج لوسائل وأساليب إحقاقها بطرق غير منطقية، فهناك من يرى أن منظمات المجتمع المدني بإمكانها القيام بكافة هذه المهام بصورة منفردة وأن عليها تحمل مسؤولياتها بعيداً عن أجهزة الدولة ودون الرجوع إليها أو حتى التنسيق معها، وأمام هذه الأفكار نرى هنا انه لزام علينا تصحيح هذه الأفكار الخاطئة التي تعتمل اليوم في الواقع الاجتماعي. فهذه نظرة قاصرة فيها نوع من الغلو والتشاطؤ غير العقلاني، لان مفهومي منظمات المجتمع المدني والدولة ليسا مفهومين متقابلين، بل هما مفهومان متلازمان ومتكاملان، فلا يمكن أن ينهض المجتمع المدني ويؤدي رسالته في التقدم دون وجود دولة قوية تقوم على مؤسسات دستورية ممثلة، وتعمل على فرض القانون، كما أن من الصعب ان نتصور دولة وطنية قوية يلتف حولها أغلبية المواطنين من دون مجتمع مدني يسندها، وإلا فانها تتحول الى دولة معزولة قد تؤدي دورها من خلال أجهزتها البيروقراطية، لكنها تنهار في نهاية المطاف فينهار معها المجتمع.[c1]حقوق الملكية الفكرية على شبكة الانترنت[/c]الدكتور مسعود عمشوش/ كلية الآداب يقول ومع ازدياد استخدام شبكة الانترنت في عالمنا العربي واتساع نطاق النشر الالكتروني، وما حققه من تغيرات جذرية لاسيما فيما يتعلق بأحادية مصدر الخبر التي تهيمن على بلدان العالم الثالث، وما أفرزته من مشاكل جديدة في مجتمعاتنا، برزت مشكلة ضرورة حماية (ومن ثم متابعة وليس مراقبة) ما ينشر على شبكة الانترنت بهدف حماية حقوق الملكية الفكرية، وضرورة التفكير في وضع نصوص قانونية مناسبة لحماية الملكية الفكرية في شبكة الانترنت.ففي مصر أسست في السنوات الأخيرة جمعيات أهلية، ومنظمات أو هيئات ثقافية عربية، مثل الجمعية المصرية لقانون الانترنت، واتحاد كتاب الانترنت العرب، وذلك بهدف الحفاظ على الملكية الفكرية، وحقوق الكتّاب والمؤلفين والمبدعين على الانترنت، وقد طالبت الجمعية المصرية لقانون الانترنت بوضع قانون للانترنت يجرّم الأفعال غير المشروعة على الانترنت ويعاقب مرتكبها، ومنها جرائم النشر التي تهدر حقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف.أما اتحاد كتاب الانترنت العرب، فمن ضمن أهدافه الواردة في لائحة التأسيس، الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية للكتاب الذين يمارسون كتاباتهم رقمياً وعلى شبكة الانترنت، وكونت لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية ضمن لجانه المتعددة لتحقيق هذا الهدف.
