إن التربية التي تبدأ في البيت، وعلى رأسها رب البيت نفسه باعتباره القدوة الصالحة التي يحتذى بها أفراد أسرته، وتستمر فيه منذ يوم الميلاد إلى يوم الخروج من “بيت الأسرة” لتكوين أسرة جديدة وبيت جديد.. هذه التربية هي مفتاح التغيير الحقيقي في المجتمع كله، وهي الأداة الكفيلة، إذا أحسن استخدامها، بحمل الرواد في المجالات كافة على تغيير الأنماط الحاكمة والنظم السائدة في العلاقات الاجتماعية، وفي البناء المجتمعي بما يقود الأمة العربية والإسلامية في طريق بعث جديد ونهضة حقيقية تتناول القيم والمكونات الداخلية البناءة قبل أن تتناول الطرق والمباني ووسائل الاتصال والانتقال والرفاهية والراحة الدائمة. وقد استمعت مرة إلى مقابلة تلفزيونية في قناة “اليمن” الفضائية مع الأستاذ الفاضل/ الآنسي رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، وهو يرد على سؤال مقدم البرنامج بشأن كيفية محاربة الفساد، فكان أن ركز على أهمية التربية الأسرية في البيت، وتحلي النشء بالقيم الأخلاقية والفضائل الاجتماعية الإنسانية... الخ ولا شك أن اتخاذ “التربية” بصورتها الأولية الأسرية طريقاً للتغيير يقتضي استشعار كل أسرة بمسؤوليتها الكاملة عن الآفات المجتمعية السائدة كلها ويقتضي تكاتف كل أسرة لمواجهة هذه الآفات المجتمعية في أبنائها، ليخلص مجتمعها الصغير أولاً من آثارها، ثم ليتكاتف البراء من المرض الاجتماعي لنشر العافية، بدلاً من أن يسهموا بسكوتهم واستكانتهم في نشر البلاء واتساع نطاق الأدواء. وهكذا فإننا لا نختلف أبداً بأن العامل الداخلي للتغيير يكتسب أهمية كبيرة إذا ما أردنا بالفعل وبجدية صادقة أن نغير ما بأنفسنا، لأنه يشكل الركيزة الأساسية في إعادة صيانة النفوس وصناعتها من جديد، بحيث يرفض المجتمع ما يقدم إليه من أسباب الفساد والانحراف والتبعية والتخلف مهما حاول أصحابه تزيينه وتجميله وإخفاء قبحه. ولا شك أن انتهاج السلوك الذاتي الداخلي للتغيير الذي لا يكاد يعجز عنه إنسان واع مدرك لمسؤولياته الفردية والاجتماعية، هو طريق مؤكد النجاح مهما بدت نتائجه بعيدة، وبقدر طول المدى الذي يستغرب سلوكه، بقدر ثبات النتائج التي يوصل به إليها.
|
تقارير
هل يمكن أن يكون البيت هو مفتاح التغيير في المجتمع؟
أخبار متعلقة