غضون
* الرسالة الأساسية التي يؤديها المواطن اليمني في حياته هي أن يعمل من أجل إشباع بطنه وبطون من يعيلهم، ورغم الإرهاق التاريخي فلا أحد يحاول أن يقلل من إعداد تلك البطون رحمة بنفسه ورحمة بغيره.. وهذا على أية حال وضع قائم في بلدان عربية ونامية كثيرة..* ولأن همنا الأول إشباع البطن، ولأن رواتبنا وأجورنا ودخولنا المالية ـ الضئيلة أساساًـ مخصصة لشراء الغذاء وسد حاجات البطون فإننا نتضرر من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظل غياب الخيارات الأخرى.. فمثلاً المواطن في الدول الغنية يخصص ثلث أجوره للغذاء والبقية يوزعها على بنود السياحة والكماليات والادخار وممارسة الهوايات وخدمات أخرى، فإذا زاد سعر الغذاء واجه المحنة بخفض مخصصات الزيادات والمتع والكماليات.. ومثل هذه الخيارات لا توجد لدينا لأن الرواتب أو الأجور وأي موارد أخرى مخصصة لإشباع البطون وبالكاد تكفي لسد هذا الباب.. بل أن كثيراً من الناس لا تتوافر لديهم قدرة مالية لتأمين نصف احتياجات البطن من الغذاء، فما بالك بالدواء والكساء والتنقل والسياحة وزيارة الأقارب وصلة الأرحام!* منذ العام الماضي تزايدت أسعار الغذاء، ويقول الخبراء إن علينا توقع المزيد من الأشياء السيئة.. فأسعار النفط مرتفعة.. والأجواء المناخية والجوائح الطبيعية والآفات الزراعية أدت إلى تدني المحصول وبالتالي خفض الصادرات، فضلاً عن أن دولاً متقدمة صارت تستخدم القمح والذرة ومنتجات زراعية أخرى لإنتاج وقود حيوي أو طاقة بديلة، ودول معروفة بأنها مصدرة للحبوب صارت تستهلك كميات أكبر بسبب زيادة سكانها، إلى جانب أن صناديق استثمارية ومشاركين في أسواق البورصات والسندات المالية يريدون تعويض خسائرهم الناتجة عن المضاربات، عن طريق الدخول في سوق الغذاء الذي يتسوق فيه نحو مليار إنسان ثلاث مرات في اليوم على الأقل.* ارتفاع أسعار الغذاء وسائر السلع والخدمات ليس شراً مطلقاً.. بل إن هذا التصاعد في الأسعار هو يخدم البلدان والشعوب المنتجة.. هذا الارتفاع الكبير في الأسعار شر على الدول والشعوب التي تستهلك فقط وتركن على الآخرين لتأمين احتياجاتها.. البن سعره يرتفع.. فأين البن اليمني؟.. أين المنطقة الحرة وميناء عدن؟ وأين المعادن اليمنية؟ نحن مستفيدون من ارتفاع السعر العالمي للنفط لأن لدينا نفط.. فماذا لو كان لدينا بن ومنطقة حرة وميناء مهم في عدن؟