غضون
- عندما قاد حسين بدر الدين الحوثي التمرد في صعدة عام 2004 وشرعت الحكومة في موجهته لم يكن أحد يضفي على المواجهة أي مسحة دينية في الأيام الأولى، ولكن بعد وقت قصير تدخل رجال دين وكتاب وصحافينون في الموضوع وخاضوا فيه خوضاً قذراً ، لأسباب مفهومة ما وعلت أصوات المتحدثين عن الحرب التي لا رسالة للدولة فيها سوى استهداف الهاشميين والمذهب الزيدي .. ومنذ ذلك الوقت وهذا الضرب من الحديث الذي يشوه القضية مستمر حتى اليوم .. بينما المعروف إن قوات الجيش والشرطة لم تذهب إلى هناك في مهمة لاستهداف الهاشميين والزيدية وما كانت لتذهب إلى هناك لو لم يحدث تمرد وعنف مسلح .. الحكومة بل والدولة كلها ليست لديها مشكلة مع أراء وعقائد ومذاهب الناس وخلفياتهم الاجتماعية والسلالة التي ينحدرون منها ولو كانت لديها مشكلة من هذا النوع لما حصرت مهمتها في مناطق معدودة في صعدة بل ستوسع مهمتها لتشمل كل قرية في اليمن .. ففي كل قرية في صنعاء والمهرة وتعز وعدن وسائر المحافظات يوجد هاشميون، والمذهب الزيدي ليس الحوثي ولا حيدان، فأتباع المذهب الزيدي منتشرون في كل اليمن ويعدون بالملايين.- إن ما يحدث الآن هو مواجهة بين متمردين وخارجين عن القانون فيهم الهاشمي وغير الهاشمي والزيدي وغير الزيدي وبين منفذي قانون وقامعي تمرد وفيهم أيضاً الهاشمي وغير الهاشمي والزيدي وغير الزيدي المعركة تدور في مواجهة متمردين كونهم متمردين ولا علاقة للأمر بعقائدهم وأرائهم وسلالاتهم، بدليل أنة قد قيل لهم دعوا العنف والقوا بأسلحتكم وأرجعوا إلى بيوتكم وإلى ساحاتكم ومارسوا شعائركم وتعليمكم الديني وإن شئتم أطروا أنفسكم في حزب سياسي .. فلا مشكلة معكم إلا كونكم حملتم السلاح وشهرتموه في وجه الدولة وعثتم في الأرض فساداً.- الذين صوروا المعركة بأنها تستهدف الهاشميين والمذهب الزيدي، لم يكونوا قادة التمرد ورجال الدين والكتاب والصحفيين والمتعاطفين أو الخائنين وحدهم ، فقد شارك في هذا الخطأ رجال دين وهابيون لديهم مشكلة أو إشكالية مع المذهب الشيعي الذي تعد الزيدية احد مكوناته الثلاثة، وراحوا يصورون المعركة أنها ضد هذه الفئة الضالة كما تورط في الخطأ صحفيون ووسائل إعلام حكومية وموالية في بعض الأحيان .. ويتعين على هذه الأخيرة على الأقل أن تقيل نفسها من تلك العثرة .. فليس خلافنا مع سلالة الحوثي ولا مع أي هاشمي أو زيدي، بل الخلاف مع متمردين ومرتكبي جرائم طالت الأفراد والاستقرار العام.