غضون
* واضح أنه بالنسبة لقضية الأرض تم التعامل بشأنها في غياب الرؤية الوطنية والمستقبلية، فحالات المنح والاستملاك غير الرشيد وغير المقنن والسطو عليها من قبل النافذين كان يتم بطريقة فوضوية، ومع تحول الأمر إلى ظاهرة ظهرت بعد وقت قصير مشكلات خطيرة، وهذا حدث في مختلف مناطق البلاد، وإذا كانت المشكلات الخطيرة تقتصر على مناطق محددة الآن فذلك لأن الأرض فيها مرتفعة الثمن. ومع ذلك فإن تلك المشكلات الناتجة عن تلك الفوضى وعن غياب الرؤية الوطنية يمكن التغلب عليها بقرار سياسي يصحح الخطأ ويدين الفوضى.* في بعض المناطق الجنوبية حيث برزت المشكلات الناتجة عن سوء التعاطي مع قضية الأرض‘ فسر أحد المسؤولين المهمين المشكلة بالقول إن نحو 15 شخصية نافذة هي المسيطرة على الأراضي، وقال مسؤول آخر إن الذين سطوا عليها عددهم خمسة فقط، وأن تحريرها من سيطرتهم يحل 80 % من المشاكل المتعلقة بالأراضي، ومثل هذه التقديرات تبدو غير مبالغ فيها خصوصاً وأن حصراً أولياً للجنة الرئاسية أظهر أن شخصية عسكرية تمتلك نحو 1200 قطعة أرض مختلفة المساحات في عدد من المناطق الجنوبية والشرقية، وهذه المعلومات التي مصدرها مسؤولون حكوميون كبار تشير إلى أن سقوط الأراضي بأيدي قلة من الناس، وهذا هو السبب الرئيسي في بروز مشكلة الأراضي، بالطبع ليس صحيحاً أن مصدر هذه المشكلة هم النافذون في السلطة وحدهم، فالذين سيطروا على الأراضي عن طريق المنح أو الاستملاك غير المقنن أو الفساد أو لسطوهم عسكريين ومدنيين، فيهم شيوخ وضباط وموظفون كبار وقادة سياسيون في أحزاب السلطة والمعارضة...الخ.* إن أي مواطن في عدن مثلاً لا يغضب إذا منحت الحكومة لأحد المستثمرين عشرين كيلومتراً مربعاً من الأراضي ليبني مدينة سكنية أو يقيم مشروعاً صناعياً أو مزرعة كما يغيضه أن يحصل مواطن على أرض لإقامة منزل لعائلته أو أن تخصص مساحة من الأرض لموظفي هيئة أو مصلحة ما، فما يغضبه هو أن تصير الأرض بالمنح والسطو ليس للسكن وأصبحت مصدر إثراء، في حين هو لا يملك مساحة شبر من الأرض تحت سماء وطنه الكبير.. فكيف لا تكون هنا مشكلة؟