غضون
التكفيريون والإرهابيون وكل الذين يستخدمون الخطاب الديني لحشد الناس حولهم في معركتهم مع العالم الآخر وخصوصاً الغرب يستمدون أحكامهم من الثقافة التي نشأت قديماً بسبب العلاقة المضطربة بين الشرق والغرب أو بين العالم العربي الإسلامي وأوروبا.. فالغرب كان هو مصدر الحملات الصليبية وهو الذي استعمر بلداننا في الماضي، وهو أيضاً الذي ساعد اليهود على الهجرة إلى فلسطين وتمكينهم من إقامة دولة إسرائيل على جزء من أرض فلسطين.. والغرب أيضاً هو الذي طرد أمراء مسلمين كانوا قد احتلوا أراضي في أوروبا وأقاموا عليها إمارات إسلامية في الأندلس وقبرص وغيرهما.. ودول مثل بريطانيا وغيرها هي التي قمعت إرهابيين أو سلمتهم إلى بلدانهم أو بلدان أخرى لمحاكمتهم بسبب ارتكابهم جرائم قتل وتدمير في سياق تنفيذ مشاريعهم الخاصة التي أعدوها لتدمير الغرب وقتل الكفار. الوضع الآن تغير.. والعلاقة بين الشرق والغرب، أو بين أوروبا والعالم العربي صارت قائمة على التسامح وتبادل المصالح.. بل أن دول الغرب أن صارت نصيرة للإسلام والمسلمين.. ولذلك علينا وعلى شعوبنا أن تدرك العلاقة مع الغرب تقررها مصالح الشعوب ويقودها السياسيون والاقتصاديون والمفكرون وأصحاب الرأي الحر والديمقراطيون، وليس حملة الخطاب التكفيري ورافعي شعارات “دار الحرب والكفر”. ينبغي أن ندرك الحقائق وأن نكون منصفين وأن نحافظ على رشدنا ونستعيد عقلنا المسلوب، وأن لا نضحي بقيمنا والتزاماتنا القرآنية من أجل مجموعة من الذين لديهم مشكلاتهم الخاصة مع الغرب ومع الدنيا كلها، يريدون أن يستغلوا عواطفنا الدينية لشن محرقة هائلة لمجرد أن صحفياً أو رساماً أو سياسياً غربياً أقدم على سلوك مثير للاستفزاز. في دول غربية توجد الآن قوانين تعترف رسمياً بالإسلام، وتوجد مساجد وحرية للدعاة المسلمين، وهناك قساوسة يدعمون علماء المسلمين، وهناك رهبان تخلوا عن كنائس مهجورة لكي تتحول إلى مساجد.. ومصانع سيارات وأدوية وأجبان وحليب تخصص للعمال المسلمين أماكن للصلاة. وفضلاً عن ذلك، هذا الغرب هو الداعم القوي لنا في مجال الدواء والغذاء والخدمات الأخرى والتنمية، بينما نحن نحرم طبيباً نصرانياً من أن يصلي أو أن يأكل في رمضان مادام مقيماً في بلادنا.