إن التأمل الموضوعي في حقيقة بعض الأحداث والتطورات المؤسفة والناتجة عن تصرفات بعض العناصر أو القوى الحزبية لخلق حالة من التأزم، أو محاولة الدفع بالأمور في الوطن في اتجاه الاحتقان الذي يؤدي إلى الإضرار بالأمن والاستقرار وبالمصلحة الوطنية، يبرز إلى أي مدى يجهل هؤلاء حقيقة قواعد ممارسة اللعبة الديمقراطية التعددية والتي تقتضي أن يتنافس الجميع عبر البرامج السياسية ونيل ثقة الناخبين للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع في إطار مبدأ التداول السلمي للسلطة، الذي يكفل لمن حاز الأغلبية في الانتخابات أن يتولى مسئولية السلطة وأن يرضى من نال الأقلية بممارسة دور المعارضة بروح رياضية، على غرار ما هو متعارف عليه في لعبة كرة القدم، مثلاً، وحيث لا تؤدي الهزيمة أو الخسارة لأي فريق إلى السعي إلى تدمير أرضية الملعب أو عدم الاعتراف بالنتائج مهما كانت. طالما وقد قبلت كل الأطراف الانخراط في ممارسة اللعبة- ديمقراطية كانت، أم رياضية- فالربح والخسارة ليسا بحالتين دائمتين ومستمرتين، ولكن يظل الفوز للمجد والمثابر والصادق مع نفسه والآخرين جميعاً.وإذا كان ما نعتز به في اليمن أن الديمقراطية التي اقترنت بإعادة تحقيق الوحدة المباركة، قد جعلت بلادنا بمثابة الشمس المضيئة في المنطقة، بما أرساه ذلك الإنجاز الوطني التاريخي من مداميك راسخة للنهوض الوطني الحضاري، وترسيخ لقواعد الأمن والاستقرار، ليس في اليمن فحسب بل وفي المنطقة عموماً.. فإن الحفاظ على هذا الإنجاز من قبل الجميع- أفراداً وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني- هو واجب ومسئولية لا ينبغي التفريط فيها تحت أي مبرر، خاصة ونحن نتابع ما يجري من حولنا من مآس وكوارث في بلدان عديدة.. نتيجة الفتن والتطرف والصراعات الطائفية والمناطقية والمذهبية والفئوية وغيرها.ونشاهد ذلك جلياً بحزن وأسف في ما يجري في العراق وفي الصومال وأفغانستان والباكستان، وغيرها من البلدان.. وهو ما يوجب استيعاب الدروس والعبر منها، لتجنب الوقوع في الأخطاء والمنزلقات التي تؤدي إلى ما أدت إليه في تلك البلدان، أو حتى تكرار تلك المآسي التي شهدها الوطن في مراحل مختلفة من تاريخه، نتيجة للشطط والصراعات الدامية والمغامرات الطائشة من أجل كراسيّ السلطة والرهانات الخاسرة على غير الوطن ومصالحه.. حيث برهنت الأحداث أن الرهان في الوصول إلى السلطة عبر دبابة المحتل أو بعيداً عن إرادة الشعب وخياره الحر رهان خاسر ولا يكتب له النجاح أبداً مهما كان الرهان.وانطلاقاً من كل ذلك فإنه ينبغي على أولئك الذين تمتلكهم الرغبة في هدم المعبد على رؤوس الجميع أن يراجعوا مواقفهم بمسئولية وأن يدركوا بوعي حقائق الواقع والتاريخ- من أي اتجاه كانوا قوميين أو إسلاميين أو أمميين وغيرهم- وأن يميزوا بين تبايناتهم أو خلافاتهم مع النظام أياً كانت، وهي أمر مقبول في إطار الممارسة الديمقراطية التعددية، وبين موقفهم من الوطن ومصالحه وصيانة أمنه واستقراره ووحدته، التي لا ينبغي أن تكون مجالاً لأي مساومة أو عبث أو تجاوز مهما كان، ومن قبل أي كان، حيث ينبغي أن يكون الوطن فوق الجميع وأن تكون الديمقراطية وسيلة لتحقيق نهضته وازدهاره.[c1]*عن/ صحيفة (الثورة)[/c]
قواعد اللعبة!
أخبار متعلقة