جلال أحمد سعيدلاشك ان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 90م كان نتاجا طبيعيا للثقافة الوطنية اليمنية، فوحدة الثقافة الوطنية كانت على الدوام الدليل المتبقي الوحيد على وحدة الشعب اليمني بوصفه شعبا يعيش على رقعة من الارض تجمع بينهم ثقافة وحضارة موغلة في التاريخ قدما، ذلك ان ما كان يسمى بالعربية السعيدة في التاريخ القديم ليست الا اليمن وهي ارض جنوب الجزيرة، وبصرف النظر عن العوامل التي ادت الى تقلص رقعة الارض التي عاش عليها اليمنيون، فان مسمى اليمن الواحد كان على الدوام حتى اليوم ارض واحدة وكان اليمنيون شعبا واحدا.تلك الحقيقة لم تستطع تغييبها سنوات التشطير ومن قبلها حقب الدويلات التي نشأت على الرقعة اليمنية من الارض حيث ظلت الثقافة الوطنية اليمنية تؤكدها رغم جهد دعاة التشطير ورموز تلك الدويلات التي نشأت على الارض اليمنية في مراحل التاريخ المتقلبة والتي حاولت جاهدة ان تصنع لها تاريخا وثقافة غير يمنية على الارض اليمنية ولكن بلا طائل.اذن . .كانت الثقافة الوطنية هي التأكيد على وحدة الارض والشعب في اليمن، وبالعودة الى التاريخ المعاصر الذي شهد نهوض الثقافة الوطنية اليمنية نجد ان هذه الثقافة اخرجت مدرسة الثقافة الثورية التي حولت الثقافة الى فعل ثوري تمثل بثورتي 26 سبتمبر و14 اكتوبر الخالدتين حيث لم تكن هذه الثقافة الثورية تفصل بين مهمتي القضاء على النظام الامامي الكهنوتي في الشمال والاستقلال من الاستعمارالبريطاني في الجنوب،واستطاعت الثقافة الوطنية اليمنية ان تجمع طلائع الثورة اليمنية الواحدة بالثقافة اساسا على هدف واحد هواعادة تحقيق وحدة الوطن بعد تحريره من الامامه والاستعمار الاجنبي.وبعد انجاز مهمة الثورة اليمنية الاولى وهي التحرر انبرت الثقافة الوطنية، والطلائع الثورية من المثقفين للتصدي للمهمة التاريخية الثانية وهي توحيد الوطن اليمني، وهو ماكان نتاج لذلك العمل الثقافي الدؤوب الذي ظل يؤكد وحدة الوطن رغم التشطير ودعاته ممن كان بعضهم داخل المنظومتين الحاكمتين في شطري الوطن وبعضهم الآخر خارجها.على ان طلائع الثقافة الوطنية سواء ممن كانوا داخلل المنظومتين او خارجها ظلوا يمثلون قوى الثورة الحقيقة التي سعت لانجازمهمة الثورة الثانية وهي الوحدة اليمنية ارضا وشعبا بالاعتماد على ح حقائق الثقافة والحضارة والتاريخ من جهة وعلى الفعل الثقافي الوحدوي الموحدة من جهة اخرى، وهو الامر الذي اخرج قوى التشطير وجعلها تسابق الى تبني شعارات الثقافة الوطنية المؤكدة على اهمية اعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني.واليوم وبعد مرور (16) عاما على اعادة تحقيق الوحدة اليمنية لايزال الفعل الثقافي هو الفعل الامضى في الحفاظ على الوحدة، ولايزال هو الضمانة الاكيدة لاصلاح مسار الوحدة، مهما اجتهد دعاة التشطير او الاستئثار بمنجز الوحدة لاحباط المشروع الثقافي الذي قامت الجمهورية اليمنية على اساسه ومثلت احدى نتائج فعله وتأثيره على وجدان الشعب اليمني الذي يتمسك اليوم بوحدته رغم كل التصدعات في جدار البنيان الوحدوي فالشعب المؤمن بالوحدة والمتشبع بالثقافة الوطنية اليمنية الوحدوية هو وحده من سيقرر مصير الوحدة، وهو واحد وموحد وذو ثقافة وطنية موحدة ومشروع ثقافي نهضوي واحد وموحد.
الثقافة الوطنية ومنجز الوحدة
أخبار متعلقة