فكرة إنشاء وتأسيس جمعيات وملتقيات نوعية وخاصة من قبيل "جمعية العاطلين عن العمل" أو "الشباب الخريجين" أو " شباب بلا عمل" أو غيرها من هذه التي تظهر وتختفي – فجأة – في الحالتين ليست فكرة سيئة بحد ذاتها.دعونا نتفق أولاً, أن الكيانات النقابية والمدنية جزء مهم من مكونات المجتمع المدني والحياة الديمقراطية في بلد ينتهج النظام التعددي والحرية المدنية والحقوق الديمقراطية المتساوية.وثانياً, علينا مراعاة الحرفية والفاعلية في إدارة هذا القطاع أو الاستفادة من متاحاته وإمكاناته الكبيرة والعملية حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد عبث ارتجالي, أو أدوات جديدة وزائدة في يد الكيد الحزبي وتجار الأزمات, وحتى لا تتحول البطالة إلى بطالة مزدوجة!ليست المسألة أن تعمد أحزاب, لها حساباتها الخاصة في سياق الردح والتجديف السياسي والمساجلة بين طرفين = سلطة معارضة, إلى تفريخ واختلاق جماعات مستحدثة, وكيانات مشوهة من قبيل جمعيات العاطلين عن العمل. لاستخدامها في أغراض حزبية وتأزمات مفتعلة على سبيل المتاجرة أو مكاثرة بؤر التوتر ومسميات الأزمة التي يراد لها أن تكبر وأن تتكاثر.الملاحظ هو أن أغلب التحركات المشابهة, وفي أكثر من محافظة, مؤخراً.. إنما جاءت مترافقة – أو متحالفة – مع توجه حزبي – معارض – نحو تأجيج قضايا مطلبية مجتزأة عن سياقاتها الموضوعية. واستخدامها لاحقاً لمزيد من التأزيم ومكاثرة الشروخ في جسد المرحلة.الأمر, في هذه الأحوال, لا يخلو من عبث واضح, واجتراء على افساد الحياة المدنية, كما يعني قابلية مستمرة, لدى الجماعات المعنية والأفراد المشمولين بهذه أو تلك من القضايا والمواضيع الخاصة لأن تبيع قضاياها – مجاناً في غالب الأوقات – لمصلحة تجار الأزمات وموقدي الحرائق الحزبية والقلق السياسي المتراكم دون فائدة أخيرة تعود على العاطلين أو سواهم.جمعيات غامضة, وارتجالية, يجري اختلاقها والترويج لها إعلامياً وبصورة متكرسة على عمل حزبي وتوظيف سياسي يحرق مطالب أو حقوق هؤلاء, ويهدر امتيازات عدة, كانت في متناول الأفراد, لو هم ملكوا خياراتهم, ولو لم تتقرصن على قضاياهم ومطالبهم الآلة الحزبية المجبولة على استهلاك الجميع, وإهلاك المجتمع بالملوثات والأزمات وعوادم الفضاعة الشاملة!بصورة, أو بأخرى.. ما تم وحدث حتى هذه اللحظة, لا يعدو كونه مجرد تجميع للبطالة أو أفراد عاطلين عن العمل, في كيانات دعائية مستحدثة يتم إلحاقها – قسراً – بأعمال بطالة أخرى ومقنعة بالشعارات السياسية والحزبية.الأمر ببساطة يقدم تعبيراً بليغاً لإمكانية الاستعاضة عن البطالة المباشرة ببطالة أخرى مراوغة ومناوئة.. وعرضة دائمة للمتاجرة الرخيصة والانتهاك الفادح لحقوق أفراد يبحثون عن عمل, فإذا بهم يقعون فريسة لمن لا عمل لهم, أو عاطلين عن العمل, يتم إقحامهم في "عطالة" ثانية أمر من الأولى.ليس من مسؤوليات جمعيات خاصة بالبطالة أن تمنح نفسها شكل ومشروعية أحزاب سياسية, ومن ثم تنخرط في عمل السياسة وكيدها. ناسية أو متناسية, أو مرغمة على تناسي حقيقة وضعها وما يناط بها – قانوناً – من مسؤوليات وحقوق سواء بسواء.ولا أحد يفهم العلاقة بين جمعية عاطلين عن العمل, وبين مشاريع وشعارات مناطقية وشطرية؟!
« عاطلون »
أخبار متعلقة