* رؤساء كثر عرفتهم عدن، وزعماء وقادة.. مروا من هنا. وتحتفظ مدينة عدن بسجل كبير وأرشيف ضخم يوثق في الذاكرة سيرة كل واحد من هؤلاء.* هذه المدينة الساحلية أفطرت مع التاريخ في صبيحة واحدة ومن يومها وحتى يومنا هذا، وهي تمارس هوايتها الأصلية وخبرتها المتجذرة في اختبار الرجال وامتحان الزعامات والرئاسات المتعاقبة. * يعرف جميع من مر من هنأا أن المدينة أرهقت جميع الذين أرادوا إرهاقها. وأنها بقيت على الدوام وفية لانتمائها اليمني. ولم تكن في يوم ما، أو في مرحلة من المراحل المتقلبة على طول سجادة الأزمنة والتاريخ المتعاقب الصاخب، تقبل المزايدة على هويتها اليمنية وانتمائها الوطني.* وسواء كان ذلك على أيام الدويلات المتنافسة والمتعاقبة منذ بواكير العهد الإسلامي ودولة الخلافة في دمشق أولاً، وبغداد ثانياً، وحتى القاهرة الفاطمية، ومارافقها جميعاً أو أعقبها من حملات ومحاولات أجنبية للإمساك بعدن والسيطرة عليها.* وحتى الحملات العثمانية والأمل اليائس، الذي لم يتحقق قط في الوصول إلى الثغر العدني.. ووصولاً إلى الاحتلال البريطاني المكلف والمحاولات التي بذلت في سبيل طمس الهوية وسحق الانتماء وإلحاق عدن وأهلها بالعرش البريطاني ورعاية الملكة أو تنويع صيغ الحكم والمعادلات السياسية في محمية عدن وما جاورها.. بين إمارات وسلطنات.. تحت ظل المندوب السامي. إلا أن عدن كانت الرقم الأصعب، واللغز اليمني الذي أعجز الطامعين وأرهق الطامحين والمتربصين وفيها جميعاً خرجت عدن سالمة معافاة وكانت دائماً تتجاوز المحن وتخرج منها أكثر قوة وولاء.. ويمنية.* ماحدث بعدها، وعقب التحرير والاستقلال خير شاهد على استماتة عدن في الانحياز لطبيعتها العصية على الاجتزاء أو القسر أو الطمس والمصادرة والإلغاء. وكلما كان الجو يعتكر.. أظهرت عدن يمنيتها القح وتدرعت بالإنتماء الأول.. الأخير والنهائي إلى وطن أم وحقل أكبر.. وواحد.* العشرات من الرؤساء والقادة والزعماء الذين عرفتهم ناصية عدن وبادلتهم سيرة الصمت أو الصخب.. المسالمة أو المساومة.. الامتحان أوالامتنان.. الحب أو الحرب. يحفظون الدرس العدني مثلما أنها تحفظ حق الجميع.. وتحتفظ لنفسها.. بحق، لا ينازعها فيه أحد، في الحكم لهؤلاء أو عليهم. ولكنها أيضاً تسمو فوق من أساء. مثلما يسمو بها من أجاد وأحسن.* المدينة التي احتضنت اليمن واليمنيين ووفرت القاعدة الأهم لإسناد واحتضان العقول والقلوب الثائرة ومؤازرة ثورة سبتمبر في صنعاء العزيزة هي المدينة التي احتضنت الثوار من كل أقاصي اليمن لتفجير ثورة أكتوبر وتحقيق فجر الثلاثين من نوفمبر 67م.* هاهنا تبرز عبقرية الانتماء والولاء وفلسفة "البنان أو البنيان" وثورية الجسد الواحد الذي يحشد الأعضاء جميعها لنصرة عضو فيه.* وما دمنا في سيرة عدن والثغر اليمني.. فإن المحك الحقيقي الذي اختبرت به عدن جميع من مر بها وحل من الرؤساء والقادة. كان هو "الوحدة" بدرجة أساسية وأعني بها الوحدة اليمنية.* وبقدر ماقارب هؤلاء وباعدوا من فكرة والتزام وطموح الوحدة.. بقدر ماحصدوا النتائج وأرشفتهم عدن في ذاكرتها.. إما وإما! وبقيت عقيدة عدن هي وأهلها واحدة لاتختلف على اختلاف المراحل والظروف "الوحدة اليمنية".* ومن الإنصاف هنا –للتاريخ- الاعتراف بفضل يجب إسناده إلى عدن ورجالاتها وأهلها.. بغض النظر عما قيل أو سيقال في حالات طارئة أو طافية على صفحة الماء والتاريخ. وتبقى عدن هي طائر النورس وسيدة الدهشة والضوء.* الوحدة ذاتها. ووحدها هي من توثق اليوم وتسطر صفحات الولاء والوفاء في علاقة حميمية، بين عدن وبين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح.. معاً بدءا، ومعاً يمضيان.. يحصنان الوحدة.. بالوحدة.
عدن.. من هنا مر الرؤساء..
أخبار متعلقة