إعداد/وهيبة العريقي لنرتقي بالمعرفة والوعي الصحي في المجتمع، يلزمنا الكثير لمحو آثار أمية واسعة ليس فيها أدنى معرفة بما يهم ويفيد الصحة، وأن يعي الناس جيداً أهمية ترك العادات والسلوكيات السلبية التي تضر بصحتهم والتي قد تضر أيضاً بصحة من حولهم، وإلا ما جدوى معالجة الأمراض المعدية بمعزل عن الالتزام بقواعد الوقاية، إلى جانب معالجة الأمراض.وحري ينا ونحن على مشارف تنفيذ المحور التاني من الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا والتي تستهدف معالجة من تتراوح أعمارهم بين (6 ـ 18 عاماً) من طلاب وطالبات المدارس المنقطعين عن الدراسة وغير الملتحقين بالمدارس على السوا، في سائر المديريات المستهدفة، في الفترة من (6 ـ 9 أبريل 2008م ).. حري بنا أن نعرض عرضاً مبسطاً لمعلومات مقتضبة عن البلهارسيا والأشكال التي تنتقل من خلالها عدوى المرض، وتوضيح آثار الإصابة ومضاعفاتها المرضية، مع التركيز على خطورة التخلف عن المعالجة وأهمية الالتزام بالسلوكيات والممارسات السليمة التي تقي الإصابة بالمرض والتخلي عن السلوكيات المعيبة التي تعد المسبب الوحيد لعدوى المرض وانتشاره الواسع.وعليك أن تعرف أخي القارئ ـ أولاً، أ، البلهارسيا داء طفيلي خطيرـ وليس عادياً ـ ويوجد منه في اليمن نوعان.. نوع بولي وآخر معنوي، وأنها تمثل مشكلة شائعة ـ عالمياً ـ تستوطن أكثر من سبعين دولة من دول العالم النامي.. في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.كما يستوطن المرض إقليم شرق البحر المتوسط في عدة دول، واليمن إحدى هذه الدول إلى جانب السودان، وأيضاً مصر والمغرب وجنوب المملكة العربية السعودية.أضف إلى وجود حالات إصابة بالمرض في سوريا وباكستان وإيران وأفغانستان.وفي الجمهورية اليمنية تعتبر البلهارسيا من أهم مشكلات الصحة، حتى أنها سميت “المشكلة الصامتة” فهي لا تظهر بشكل وبائي، بمعنى أنك قد لا تجد فجأة ألف شخص يشكون من هذا المرض في يوم واحد مثلاً، وأن من الممكن أنهم يصيبوا بنفس العدوى في اليوم نفسه لا تظهر عليهم أعراضاً تجعلهم يقلقون ـ كالحال عند الإصابة بالملاريا التي يعقبها حمى شديدة وقعشريرة وغثيان وإسهال ـ ذلك أنها تظهر بأعراض شديدة في وقت قصير تجعل المريض يشكو منها بسرعة وتستنفر أهله وأقاربه.وأهل المنطقة بدورهم إذا ظهرت لديهم حالات إصابة كثيرة فإنهم يرفعون الشكوى ويبلغون عنها سريعاً الجهات المعنية مهما بعدت قراهم ومناطقهم عن المرفق الصحي.. فالكثير من سكان اليمن يعيشون في مناطق بعيدة عن المرافق الصحية ويحتاجون إلى وقت طويل للوصول إليها وبلوغها.ويقدر عدد المصابين بالبلهارسيا في اليمن بنحو(3 ملايين) شخص، وهذا العدد مرتفع جداً للإصابة يقتصر على تعداد(14 محافظة) فقط، حيث تنتشر فيها بؤر العدوى وينتشر فيها المرض.وقد قام البرنامج الوطني لمكافحة البلهارسيا بمسوحات عديدة شملت تقريباً(120) مديرية،(107) مديريات تقريباً من هذه المديريات تتوطن في ها البلهارسيا يشكل كامل أو بشكل جزئي، ولا يعني هنا وجود المرض في المديرية بجميع عزلها وإنما بشكل متفرق، مما يظهر ـ فعلاً ـ حجم المشكلة.إلا أنه مع الأسف عانت قضية البلهارسيا من التهميش إعلامياً لسنوات طويلة، فلم يكن للصحافة ووسائل الإعلام الأخرى دور توعوي ملموس، وهذا جزء من المشكلة على خلاف الأوبئة الأخرى، حيث أن البلاغات ترفع عنها والأصوات تتعالى.ولا ريب في أن هذا الإهمال كان مشتركاً، فالمرافق الصحية ـ على الأرجح ـ لم توفر المكافحة المطلوبة في حينها، والإعلام لم يعطي دوره.. كذلك خطباء المساجد لم يكن لهم ـ سلفاً ـ أي دور في توعية الناس، وأيضاً المدارس لم تقم بدورها في تعليم التلاميذ منذ الصغر عن مرض البلهارسيا وطرق انتقاله والوقاية منه.. وتضافر هذه العوامل جعل من البلهارسيا مشكلة.وبالمقابل من الطرف الآخر، مرت فترات على البرنامج الوطني لكافحة البلهارسيا لم يظهر فيها بالمستوى المطلوب حتى على مستوى الدول الأخرى ومنظمة الصحة العالمية.. وبالتالي أسست المنظمة مؤخراً إدارة هيكلية تهتم بمكافحة الأمراض المهملة أو المنسية ومن ضمنها مرض البلهارسيا.ومن المهم أن نميز بين عدوى البلهارسيا وعدوى أي مرض آخر.. ففي مرض البلهارسيا يأتي العدوى عن طريق دخول الطفيلي (الطور المعدي) عبر الجلد باختراقه له، من أجل اتخاذ تدابير الوقاية المطلوبة الكفيلة بمنع عدوى البلهارسيا، كعدم السباحة في المياه غير المأمونة، كالبرك وحواجز المياه وما شابه، وعدم المشي والخوض في المياه إذا أردنا عبور غيل أو سائلة أو أي مصدر للماء غير مأمون قد يؤدي إلى دخول الطفيلي للجسم عبر اختراق الجلد.. هذه هي طريقة العدوى الواضحة، ولو تجنبها الإنسان لاستطاع حماية نفسه ووقايتها من المرض.ومما يسهم في هذه مشكلة بدرجة أساسية ويزيد الهوة اتساعاً وقوع الكثيرين ـ لا سيما في الأرياف ـ في أخطاء وممارسات سلبية لدى تعاملهم واستعمالهم للمياه الراكدة والبطيئة الجريان التي تمثل لأغلب المناطق الريفية عصب الحياة في ظل غياب أو ضغف مشاريع المياه النقية الصالحة للشرب وأيضاً تضافر عوامل وعراقيل كثيرة تقف حجر عثرة أمام المشاريع من هذا النوع، أهمها صعوبة التضاريس الجبلية وتناثر القرى على قمم ومنحدرات وسفوح الجبال وبطون الأودية، ما مهد لانتشار البلهارسيا في هذه المناطق.. إضافة إلى شيوع الجهل الكبير بالمرض الذي تلوح أثاره في جنوح البعض إلى اللامبالاة بأهمية طلب المعالجة والاستشفاء، ولا علم لهم بأ، المرض ـ لإهمالهم ـ قد يتطور مع الوقت ليصير مزمناً صعب العلاج، مفضياً إلى مضاعفات بالغة الخطورة.. فمع مرور الوقت تغزو البلهارسيا الكبد فتحدث فيه التهابات وتليفات تقود إلى تلفه ودماره، وبالتالي فشله تماماً في أداء وظائفه الحيوية.وللمضاعفات الأخرى للبلهارسيا المعوية طابعها الخاص، مثل (التقيؤ الدموي ـ دوالي المريء ـ البواسير ـ تضخم الطحال ـ سرطان القولون والمستقيم ).أما مضاعفات البلهارسيا البولية فتشمل (قرحة المثانة ـ حصوات المثانةـ تضيق الحالب ـ الفشل الكلوي ـ العقم عند الرجال والنساء ـ سرطان المثانة)، وأي من هذه المضاعفات تشكل خطراَ على الإنسان قد تحتاج إلى تدخلات جراحية كبيرة يصعب كثيراً التنبؤ بنجاحها.كذلك حال العلاج بالأدوية في ظروف مرضية متردية كهذه.إنها لكارثة تلك العادات والسلوكيات غير الصحية السائدة في أغلب الأرياف مثل (الاستحمام ـ الوضوء ـ السباحة ـ الشرب ـ غسل الأواني والملابس) وذلك في برك الأمطار المكشوفة والحواجز المائية والسدود والغيول الجارية، وأسوؤها وأفظعها اقتراف أعمال قبيحة أنكرها الدين، كالتبول والتبرز في مصادر المياه أو بالقرب منها، كون هذه المخلفات لا تفسد المياه وتلوثها بمختلف الأمراض الخطيرة وحسب، بل وهي السبب الوحيد للعدوى بالبلهارسيا وانتشارها واستكمالها لدورة الحياة الخاصة بها.. علاوة على ذلك إهمال النظافة الشخصية وإهمال تقليم الأظافر وعدم اتخاذ المراحيض لقضاء الحاجة.فلا بد أن يعي الناس جيداً أهمية ترك هذه العادات والسلوكيات من أجل صحتهم وصحة من حولهم، وإلا ما جدوى معالجة البلهارسيا بمعزل عن الالتزام بقواعد الوقاية، إلى جانب المعالجة للقضاء على مرض البلهارسيا في بلادنا لاجتثاثه من الجذور.وأخيراً وليس آخر.. نذكر بموعد تنفيذ المرحلة الثانية من الحملات الوطنية للتخلص من البلهارسيا الذي يأتي في الفترة من (6 ـ 9 إبريل 2008م)، وللعلم فإن علاج البلهارسيا في الحملة مجاني لجميع المستهدفين من طلاب وطالبات المدارس وغير الملتحقين بالدراسة ممن تتراوح أعمارهم بين (6 ـ 18 عاماً)، وإعطاؤهم الجرعة المضادة للبلهارسيا يعتمد على قياس طول الجسم.وعلى طلبة المدارس جميعاً.. ذكوراً وإناثاً، إلى جانب غير الملتحقين بالمدارس.. عليهم جميعاً تناول طعامهم قبل المجيء إلى المدرسة لأخذ العلاج، وحث وتشجيع أو اصطحاب من يمت لهم بصلة.. قريباً كان أو صديقاً أو أخاً أو أختاً، لا يدرس أو لا تدرس وينتمي إلى الفئة العمرية المستهدفة في الحملة، من (6 ـ 18 عاماً) وذلك للحضور لتلقي العلاج في المدارس أياما اختاروا منها طالما أنها واقعة في المديريات المستهدفة على النحو الموضح في الجدول.وكلنا أمل في نجاح هذه الحملة لثقتنا بهمة وحرص المجتمع وأخص بالذكر الآباء والأمهات المحبين لأبنائهم.. الحريصيين على ديمومة صحتهم ونمائهم السليم بمنأى عن ضائقة الأمراض ومخاطرها.[c1] المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.[/c]
|
تقارير
البلهارسيا..(المشكلة الصامتة).. بالوقاية والعلاج نتغلب عليها
أخبار متعلقة