[c1]د. فايز بن عبد الله الشهري*[/c]استعرض وقارن - كرماً - بعض المواقع الالكترونيّة المنسوبة لبعض رموز التيارات الفكريّة المحليّة والعربيّة والعالميّة، وقد تجد مثلي أن المواقع المخصّصة لأعمال وسير رموز الفكر الغربي - سواء في أوروبا أو أمريكا - تُؤسس في أغلبها وتُدار من قبل مؤسسات فكريّة أو جامعات أو روابط ثقافيّة يجتمع حولها المهتمون بفكر هذا الرمز سواء كانت رابطتهم المشتركة دافعها الاتفاق أو الاختلاف مع فكره ورؤاه. و ستجد وأنت تتصفّح بعض هذه المواقع أيضا قلّة التركيز على الجوانب الشخصيّة السلبيّة وعدم وضوح الاهتمام العام والخاص بكشف أسرار الشخصيات التي تتمحور حولها هذه المواقع الالكترونية. وينطبق هذا الكلام ليس فقط على المواقع الأرشيفيّة والتذكاريّة بل يمتد إلى المنتديات الحواريّة المفتوحة والمهتمة بفكر هؤلاء الرموز، فلا تجد من المتحاورين من يولي كبير اهتمام في البحث والتنقيب عن "نقائص" هذه الشخصيّة أو تلك بالشكل الذي (أشغل) معظم وقت وجهد نفر غير قليل من مؤسسي المواقع الفكريّة العربيّة والمتحاورين العرب عبر منتديات الانترنت الأكثر جماهيرية. وعلى الانترنت الأجنبيّة ستجد أن رموز الفكر الغربي في الماضي والحاضر موجودون كلهم - تقريبا - وبصور فنيّة وحضور فكري يليق بمكانتهم ودورهم في مجتمعاتهم والحضارة الإنسانيّة في الإجمال. وفي المقابل وعلى صفحات الانترنت العربيّة لا تتعبن كثيرا في البحث عن مواقع ثرية متخصصة في توثيق حياة وسير الشخصيّات العربية الفذّة مثل العالم والمؤرخ والسفير "عبد الرحمن بن محمد بن خلدون" (1322 - 1406م) الذي فتح آفاق الفكر الإنساني في دراساته المعمقة عن العمران ومكونات الاجتماع الإنساني وحركة التاريخ ومصائر الأمم. ولكن كيف نسأل ونحتج على عدم وجود موقع الكتروني (عربي) يليق بمكانة وقامة العالم ابن خلدون وآخر تكريم عالمي باذخ حظي به كان في شهر مايو الماضي بتنظيم ودعوة من حكومة اسبانيا (الإفرنجية) التي استضاف عاهلها عددا من رؤساء دول البحر الأبيض المتوسط لغرض وحيد وهو الاحتفال بالذكرى المئويّة السادسة لوفاة ذلك المفكر العربي الكبير ومشاهدة المعرض التذكاري المقام عنه في أروقة القصر الملكي جنوب اشبيليا. وحتى تكتمل الصورة أو سمها الملهاة اسمح لي أن ادعوك - رعاك الله - لرحلة قصيرة مع محرك البحث العالمي "جوجل" ولنبحث من خلاله عن هذا المؤرخ والقاضي والسفير والمفكر الإنساني "عبد الرحمن بن خلدون". أرجو أن لا تصاب بخيبة أمل كبيرة حين تجد أن هذا الاسم الفخم الضخم الذي قدم فكرا إنسانيا استثنائيا تقرأه الأجيال منذ أكثر من ستة قرون لا يتكرر (باللغة العربيّة) في "جوجل" سوى 600 مرة. وأرجو أن لا تغضب كثيرا حين تكتشف أن اسم ذات المفكر على ذات المحرك يتكرر في لغة الفرنجة (الانجليزية) ( Ibn Khaldun ) حوالي 315 ألف مرة؟؟. ولهذا إسمح لي أن أنصحك - قبل هذا وبعده - ألا تجرّب البحث مقارنا حظ ابن خلدون في البلاط الالكتروني مع مرّات تكرار اسم "نانسي عجرم" فسيرتد إليك متصفح "جوجل" وهو كسير خجول معلنا ورود هذا الاسم أكثر من 523 ألف مرة (نعم أكثر من نصف مليون مرة) من ضمنها موقعان رسميان لتوثيق فتوحات "نانسي"؟ وحرصا على سلامة حواسك أرجو ألا تتمادى في لعبة المقارنات الخطرة هذه، كأن تبحث عن نصيب رموز فكريّة أخرى في فهارس "جوجل" مثل المفكر "مالك بن نبي" ( - 1905 - 1973م) مع أنك ستجده أفضل حظا من ابن خلدون لجهة تكرار اسمه 28 ألف مرة. ومع هذا فلا بأس من تحذيرك مرة أخرى من مقارنة حظ "بن نبي" بـ "هيفاء وهبي" حيث ستجد اسم "هيفاء" على "جوجل" متكررا 281 ألف مرة أي قرابة 10 أضعاف نصيب مالك بن نبي. أرأيت من هم سادة البلاط الالكتروني؟ * نقلا عن جريدة "الرياض" السعودية
ابن خلدون في بلاط "نانسي عجرم" الالكتروني
أخبار متعلقة