موسكو/14 أكتوبر/كونور سويني: يقول أحد المحللين إنه بعد فوز باراك اوباما في الانتخابات الأمريكية ثار جدل بين مسئولي الكرملين بشأن ما إذا كان يجب على الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أن يهنئه برسالة حارة بخط اليد.. أم برسالة غير شخصية. لا شك في مسألة استياء روسيا الشديد من سياسات الولايات المتحدة وعزمها على الوقوف في وجهها لكن المفارقة توضح معضلة يصارعها الكرملين بشأن التكتيكات التي يجب استخدامها في التعامل مع البيت الأبيض بعد أن يشغله أوباما. هل يمارس الروس عليه ضغوطا لإجباره على التخلي عن المشاريع المتنازع عليها مثل نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا أو يبادروا بنبرة أكثر تصالحا أملا في أن يتخذ أوباما موقفا أكثر ليونة تجاه روسيا من سلفه؟ وقال نيكولا زوبلين من وورلد سيكيوريتي انستيتيوت وهي مؤسسة بحثية إنه في نهاية المطاف توصل مسئولو الكرملين إلى حل وسط حيث بعثوا إليه ببرقية مع التخلي عن النبرة الفاترة وأضاف أن مصادر متعددة بالحكومة الروسية روت له هذه القصة. لكن تصرفات صدرت عن الكرملين منذ انتخاب اوباما تشير إلا أنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى إجماع بشأن التكتيكات المثلى. وفي اليوم التالي لانتخابات الرئاسة الأمريكية أعلن ميدفيديف أنه سيقوم بنشر أسلحة اسكاندر متوسطة المدى في الأراضي الواقعة بأقصى الغرب الروسي ردا على اعتزام الولايات المتحدة نشر نظام دفاع صاروخي في بولندا وجمهورية التشيك. وبعد ذلك بأسبوع صرح ميدفيديف لصحيفة لو فيجارو الفرنسية بأنه سيتخلى عن نشر الصواريخ إذا تخلت واشنطن عن نظامها. وأضاف أنه أجرى محادثة تليفونية جيدة مع اوباما وعبر عن أمله في إقامة علاقات جيدة. وربما تجد موسكو أن الدول الأوروبية التي لم تكن متحمسة للرئيس جورج بوش ستكون على وفاق مع إدارة اوباما. كان اوباما قد قال إنه يريد أن يتأكد من فعالية نظام الدفاع الصاروخي قبل إقراره وهو منهج أكثر حذرا من منهج بوش، لكن بعض المراقبين يرون أنه إذا ألغى المشروع بعد التهديدات الروسية الأخيرة فسيعطي بذلك الدافع لمعارضيه في الداخل الذين اتهموه باتخاذ موقف ضعيف من روسيا. وقال دبلوماسي بارز في موسكو عن اعتزام روسيا نشر صواريخ اسكاندر قرب الحدود مع بولندا «إذا كان هذا هو الوضع فانه سيأتي بنتائج عكسية حيث سيجعل الأمور أكثر إشكالية لأوباما إذا لم يمض قدما (في نظام الدفاع الصاروخي).» وإذا كان هناك جدل في الكرملين بشأن النبرة التي يجب اتخاذها فلا يوجد خلاف على المضمون. وتعتبر موسكو نظام الدفاع الصاروخي - الذي تقول واشنطن إنها بحاجة إليه لحمايتها من هجمات محتملة من إيران - تهديدا للأمن القومي الروسي. وتنظر موسكو إلى دعم واشنطن لمنح عضوية حلف شمال الأطلسي لكل من أوكرانيا وجورجيا الدولتين السوفيتيتين السابقتين اللتين تقول واشنطن إن لها مصالح خاصة بهما على أنه تجاوز «لخط أحمر» آخر. ويتهم الكرملين أيضا واشنطن بتحريض جورجيا حليفة الولايات المتحدة لخوض حرب ضد روسيا في أغسطس. وأوروبا هي الشريك التجاري الرئيسي لموسكو في مجال الطاقة والسلع الأخرى وليس الولايات المتحدة وقد سلمت دول الاتحاد الأوروبي من معظم الهجمات الكلامية الحادة التي تدخرها روسيا للولايات المتحدة. وقال زوبلين «ميدفيديف مؤمن فعلا بأن الولايات المتحدة مسئولة عن الحرب في جورجيا... مستوى الغضب في الكرملين ضد الولايات المتحدة مرتفع للغاية.» وتابع قائلا «موسكو تقول (إن كنتم تريدون تغيير العالم كما يريد اوباما فإننا سنكون أكبر عقبة ما لم تتعاملوا معنا).» وفي وقت سابق هذا الشهر نظمت جماعة شبابية موالية للكرملين احتجاجا منظما تنظيما جيدا أمام السفارة الأمريكية بموسكو. وقارن تسجيل فيديو عرض أثناء الاحتجاج بين بوش والزعيم النازي أدولف هتلر وذكرت مصادر دبلوماسية أن هذا دفع الولايات المتحدة إلى التقدم بشكوى. ويجسد فيلم روسي يعرض الآن وهو من نوعية أفلام الحركة المزاج الشعبي إذ يرصد فيلم (غرباء) في قصة خيالية مجموعة من عمال الإغاثة الأمريكيين في الشرق الأوسط الذين يتعاملون بعجرفة وبطريقة لا تراعي مشاعر مضيفيهم العرب. وأيا كانت التكتيكات التي سيستخدمها الكرملين فإن أمل روسيا هو أن تكون الولايات المتحدة تحت قيادة اوباما أكثر تعاطفا مع المخاوف الروسية. وتقول تاتيانا باركهالينا مديرة مركز يوروبيان سيكيوريتي ومقره موسكو «كثير من الناس خاصة هنا يعتقدون أن الديمقراطيين سيبدون استعدادا اكبر للتفاوض بشأن الدفاع الصاروخي.» وأضافت «هذه رسالة للإدارة الجديدة (مفادها) أن الخيار إمامكم والكرة في ملعبكم.»