لاأحد يستطيع أن ينسى مآسي وآلام الحكم الشمولي يوم أن كان الحزب ضمير وشرف وعقل الشعب، ويوم أن كممت الأفواه فلا صوت يرتفع فوق صوت الحزب، ويوم أن عمل المتطرفون ليس فقط على تحويل جماجم المعارضين بل وجماجم رفاقهم ايضا الى (منافل للسجائر) وحولوا زنودهم وأيديهم وجثثهم التي كان ينبغي أن تعمل في مضامير بناء الوطني الى مناتن للذباب، ومآدب للكلاب والقطط.لاأحد يستطيع أبداً كذلك أن ينسى تلك المكرمات التي كانت تهل على رؤوسنا على شكل قذائف وصواريخ ورصاص تحرق الأخضر قبل اليابس، وتحيل نهاراتنا إلى ظلمة معتمة كل أربع إلى خمس سنوات على شكل صراعات واصطراعات تهدم ما كان قد بني ولاتبقي لنا سوى نعيق الغربان، والبكاء على ما كان.وكيف لايكون ذلك وقد حولوا الأب إلى جاسوس على ولده والولد إلى جاسوس على والده، والأم إلى مخبر عما يجري داخل المنزل، فزرعوا الشقاق داخل البيوت والأسر، فأصبح الواحد يخاف على نفسه من زوار الليل لو فكر فقط أن يبث ما في قلبه إلى الحمام، خوفاً من آذان الجدران .. نعم آذان الجدران!!ومثل ذلك، من يستطيع أن ينسى أننا وبتلك العقلية ناصبنا العالم العداء، وأن تلك العقلية حولت أبناء المحافظات الجنوبية إلى وقود لأي عدوان محتمل؟؟ عادت بنا القاصي قبل الداني.. فحوصرنا . وأكلنا الخبز بدقيق مر ترفض أن تأكله حتى الحيوانات .. وحرمنا من كل طيبات الحياة باعتبارنا كادحين فيما اقتصرت بطائق ما لذ وطاب من (شركة النصر للتجارة الحرة) على قيادات ومقربي قيادات الحزب الذي سمى نفسه ضمير وشرف وعقل الشعب.هذه هي نعمهم التي يمنون بها على الشعب فيسمون عصرهم البائس بـ (زمن العز) أي عز ذاك الذي كنت لاتستطيع فيه أن تقول كلمة حق، وإذا سجدت للحق قيل فيك أشنع الأقوال، وحبكت لك قصص تسقطك في خسيس الخصال؟ فأمسيت في السجن ذليلاً وبئس المآل.أي عز ذاك الذي ألغى عقلك، وصار هو عقلك وشرفك وضميرك، فأنت معفي من التفكير فيه وفي غيره، ولك أن تشبع بأي شيء ولو بطعام الحيوانات وتفعل كما تفعل الأنعام؟اليوم نراهم يعملون على بث الفتن، والتحريض على العنف، ودفع الناس إلى الفتنة.. نراهم يتباكون علينا في عهد الوحدة؟! ألا يكفينا – يا هؤلاء – أننا أمنا على أنفسنا داخل بيوتنا .. والتقينا أهلينا وأقرباءنا بعد فرقة .. ونسينا لغة العداء والعدوان؟ والتقينا مع العالم على كلمة سواء .. وغادرنا اسوار الحصار.. وأسباب الويل والدمار؟ماذا يريد هؤلاء ؟! هل من الضروري مثلاً أن يقتتل الناس؟ وأن تتقطع الأرحام أم من الضروري أن نعود للتمزق والتشرذم والانفصال، ونعود لخوض (النضال) ما بين رجعي وانفصالي ووحدوي وملكي وجنوبي وشمالي وزيدي وشافعي وحضرمي وعدني وتعزي وتهامي، و.. و..يا ناس يكفي هذا الشعب ما لقيه من الويلات ويكفي هذه البلاد ما عاث فيها الفاسدون والمفسدون .. يكفيها خرابا ودمارا .. يكفينا تشريداً وتقتيلاً .. نقول لهؤلاء "اعقلوا" كما قال الأخ الرئيس فليس أجمل من العقل واعلموا أن الوحدة لاذنب لها في أي شيء، وأن الدمار لايبني الأوطان ولايقيم العمران، وتذكروا أن لكل إنسان ذاكرة.
للتذكير فقط..!
أخبار متعلقة