عملية التطوير الجارية في الإسكندرية لا تكتفي بمنطقة واحدة، بل تشمل مناطق واسعة في محور المحمودية الذي يضم مناطق تنموية، بالإضافة إلى خطط توسعية في جنوب المنتزه، العامرية، برج العرب، وأبيس، بهدف زيادة الحيز العمراني. كما يجري العمل على مشروع مدينة الإسكندرية الجديدة لتحويل مناطق عشوائية إلى مناطق حضرية حديثة. وهو مشروع يهدف لتحويل وإزالة بعض المناطق الشعبية العشوائية المتفرقة، والتي تقع ضمن نطاق مشروعات التطوير الأكبر. وكل هذا سيجعل من الإسكندرية واحدة من أجمل المدن العصرية في مصر، دون أن تفرط بطابعها الحضاري ومعالمها التاريخية التي عرفت بها هذه المدينة منذ القدم، بحيث لا ينسيها حاضرها اليوم تاريخها العظيم بالأمس، بل يشدها هذا إلى ذاك.
ونحن نتجول في قلعة “قايتباي” وسط البحر مع مئات الزوار، مصريين وأجانب، كنت أشعر بهذا الامتداد بين القديم والجديد. فمن هناك كنا نرى مدينة الإسكندرية تكشف عن جمالها، عروس بحر على المتوسط، تختزل إرثًا من التاريخ والحضارات، تحافظ عليه وتباهي به: قصر كيلوبترا، وقصر المنتزه، ومتحف الإسكندرية القومي، والمتحف اليوناني الروماني، ومتحف الأحياء المائية، ومتحف المجوهرات الملكية، ومتحف الفنون الجميلة، ومتحف كفافيس، ومكتبة الإسكندرية، والعديد من المساجد والأسواق.
زيارة واحدة قصيرة، كالتي قمت بها مع أسرتي، لا تكفي للإحاطة ببعض ماضي الإسكندرية ولا حتى الوقوف على ما تشهده من تطوير. وكل هذا أشعرني بالألم على مدينتي عدن، وذكرني بزميلتي نادرة عبد القدوس وألمها على مدينتها عدن القديمة “كريتر”، والتي أموت شوقًا إليها، وأشعر بالحسرة على ما آلت إليه، وقد كانت زهرة المدائن وعروس مدن الجزيرة والخليج.
تقول نادرة تعليقًا على مقال للزميل محمد الشقاع في هذه الصحيفة بعنوان: “سانتوريني التي تشبه عدن”: “مقال يبعث على الألم. كريتر (عدن القديمة).. مدينتي وموطني ومسقط رأسي وعشقي الأزلي.. رغم ما أصابها من ضيم الجهلة الذين تعاقبوا على قيادة إدارتها، إلا أنني كلما أزورها أشعر بأن روحي عادت إلى جسدي وكأنني أعيش حياتي بلا روح!! كريتر تعاني الكثير من الإهمال والبسط على مساحاتها الصغيرة، وردم بحرها ودك جبالها البركانية بكل قسوة وبكل غباء..”.
وأترك لكم المقارنة إذا جازت مثل هذه المقارنة.
