.jpeg)
وجاء الرجل من خارج المؤسسة العسكرية التي تحكم اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر 1962.
وجاء الرجل من خارج تحالف القبيلة والمؤسسة العسكرية التي استولت على الدولة ومقدرات الوطن، وتديره بعملية(انا شيخ الرئيس، وانا رئيس الشيخ).
وجاء الرجل من خارج حزب المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس والسلطة.
ومن خارج منظومة الأحزاب سواء كانت موالية أو معارضة.
وحتماً جاء الرجل من خارج منظومة الفساد والإفساد.
ولكن بالمُقابل جاء الرجل من حضرموت الحضارة والتاريخ، كُبرى محافظات البلد ومركز ثقلها الاقتصادي حيث حوالي75 من ميزانية الحكومة تأتي منها..
وجاء الرجل من حضرموت المعروف رجالها عبر التاريخ بأنهم رجال حُكم وإدارة ونزاهة واقتصاد وأمانة واينما تولوا المناصب أبدعوا وأجادوا ونهضوا بالبلاد.
وجاء الرجل مستنداً إلى علمه وخبرته وسجله النظيف.
لهذا كان الرجل المناسب في المكان المناسب، لكن ابداً لم يكن الوقت المناسب حيث استشرى الفساد وتغول المفسدون وأوصلوا البلد إلى وضع منذر بالخطر.
كان يعرف ان الوضع الذي جاء لمعالجته فوق طاقته رغم مشروعه الطموح..ومع ذلك قبل بالمنصب وبالتحدي بعد تفكير عميق دون شك، فلم يكن وضع البلد بخافٍِ عليه، ولا زال التدهور الذي ينحدر إليه.
الرجل هو الدكتور فرج سعيد بن غانم، الذي تولى رئاسة الحكومة اليمنية في 17مايو 1997وقدم استقالته منها في 29 ابريل 1998قبل أن يكمل العام كأنزه مسؤول حكومي، وأول مسؤول بهذا المُستوى يتجرأ ويقدم استقالته للرئيس الذي تعود على الطاعة وانه هو من يُعين ومن يُقيل وقت يشاء، وبالتالي كانت الاستقالة غريبة على نهج السياسة والحكم الذي اتبعه منذ جاء إلى السلطة وقبض عليها بأسنانه وأظفاره واقصى كل الخصوم دون هوادة وحولها من مشروع جمهوري وطني إلى سلطة عائلية.
- وكان الدكتور فرج سعيد بن غانم قَبِلَ بتولي المنصب رئيساً للوزراء بشرط عدم تدخل الرئيس علي عبدالله صالح في الإجراءات التي سيقوم بها، ومن بين تلك الإجراءات التقشف وإبعاد الفاسدين.
- خلال ستة أشهر من توليه المنصب قدم بن غانم إلى رئاسة الجمهورية حينها تقريراً مفصلاً للوضع السائد وعن مصادر الفساد، وقدم مصفوفة حلول ناجعة، وقرر البدء في القضاء على الفساد، وتشغيل عجلة التنمية وانتشال الاقتصاد من حالته المزرية ليرتقي إلى مصاف الدول المتقدمة..
- بدأ بن غانم بإقالة مجموعة فاسدين يعدون على أصابع اليد ليتفاجأ بقيام لوبي الفساد وعصابات سرقة المال العام بالوقوف في وجهه ودعم أولئك الفاسدين. وبرفض رأس النظام الذي نكث بوعوده بعدم الاعتراض على خططه في تجفيف منابع الفساد مما حدا بالدكتور فرج بن غانم إلى تقديم استقالته بتاريخ 29 - 04 - 1998 بعد أقل من عام على توليه رئاسة الحكومة ليخرج من الباب الكبير بشرف.
- يقول الإعلامي عبدالحليم سيف الذي له الفضل في تذكيري بالمناسبةوالمعلومات الواردة في المقال :
“نعم...أجرينا معه حواراً شاملاً وعميقاً بُعيد أيام قليلة من تعيينه، كان شجاعاً وجريئاً جداً في إجاباته، وطرح رؤية واضحة لانقاذ ماتبقى من أصول البلاد اولها إغلاق حنفية الفساد وإقالة كبار “الهبارين”..
ويضيف عبدالحليم سيف : “اشهد أن برنامجه الحكومي كان هو الأول الذي لامس الأوضاع المزرية، ولكنه قال إن تنفيذه يحتاج إلى عملية قيصرية مؤلمة!....للأسف واجه الرجل ومشروعه للإنقاذ عراقيل من مراكز الفساد والإفساد، وخسرت اليمن فرصة ذهبية للخلاص من أوضاع أدت إلى مانحن عليه اليوم “ ....رحم الله فرج بن غانم وطيب ثراه. ولروحه السلام.