منذ الوهلة الأولى للقياه انتابني شعور ممزوج بهيبة اللحظة بأنني أقف وجهاً لوجه مع أحد أعمدة الكلمة الصادقة النابعة من بين وجدانات المجتمع .. واحد ممن يؤدون طقوس التعبد في محراب الحقيقة بكل شجاعة واقدام دون وجل .. قلم ذو حرفية مهنية ومبادئ اجتماعية ـ انسانية هدفها النبل وديمومة الارتقاء بروحانية ومكانية البسطاء نحو مصافات فاعلة معتلية لا حدود لها غير الارتقاء والارتقاء.
عرفته في أوقات المحن يشد من أزر من بجانبيه صامداً كشجرة الصنوبر شامخاً كشموخ يراعه .. يبتسم حد الابتهاج حين توجه إليه تصويبات حراب المرجفين من قول الحقيقة وأحياناً يقهقه وبسخرية يبوح بقوله ماذا أصابهم من نوبات من قول كلمة حق مجرد كلمة لا شيء دونها .. انهم يهابون الحقيقة فيا ترى كيف وبأي وجه أصفه؟ سيقابلون ربهم يوم لا ينفع فيه مال أو نفوذ أو جاه .. حتماً ستتلعثم السنتهم تماماً كألسن النعاج.
ذات مرة همس بين اذني هناك من يهابون حملة الأقلام الحرة وكأنهم لا يحملون أقلاما وانما يقودون قاذفات كاتيوشا!!
فرددت عليه مازحاً (حاسب على نفسك يا أبو زرياب).
رمقني قائلاً وهل هناك شيء سأخسره؟ في كل الحالات هم المهزومون وأنا وأمثالك لن نملك شيئا يمكن ان نخسره غير فقرنا ومكابدتنا الحياتية اليومية. ثم أردف قائلاً لو فعلوها سيدخلوننا التاريخ الدموي وسيجعلون كل أبواب الجنة تفتح لنا وعلى مصراعيها.
كنت أعرف انه مغرم بحب احفاده فلمحت له مداعباً ستخسر قبلات أحفادك الصباحية، رد بسرعة ربنا بايعوضني بقبلات غلمان وبنات الحور هيا بطل بطل شاعورك .. كل شيء بقدرة الله حتى هذه المهنة لا يمكن اتقانها إلا بملكة من الله عز وجل، وما يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا.. قل كلمتك .. اقصد كلمة الحق وامضِ على هدى الرحمن.
لقد فقدناك جميعاً يا سالم الفراص ايها القلم النابع من بين أوجاع البسطاء .. فطوبى لك.