صباح الخير
أحمد منصور الصلوي دخلت قوات الاحتلال البريطاني بقيادة الكابتن هنس منطقة كريتر ( عدن ) من جهة الشاطئ بما تمتلك من قوات بحرية ضخمة مزودة بالمدافع والأسلحة النارية، بينما كانت الحامية اليمنية لا تمتلك أي سلاح ناري بل أسلحتهم بدائية ما سهل على المحتل احتلال عدن بكل سهولة ثم المعلا وخورمكسر والتواهي والبريقة والشيخ عثمان ودارسعد ، وكان سبب الاحتلال سفينة حجاح آتية من الهند التي كانت حينئذٍ تحت الاحتلال البريطاني وقد جعلها المحتل ذريعة لاحتلاله لعدن ثم إبرامه اتفاقيات حماية مع سلطنات ومشيخات جميع بلاد جنوب اليمن. واستمر احتلاله 129 سنة تقريباً ، ومن غرائب الصدف أن يتمكن ثوار الجنوب من دحر هذا المحتل من جميع مناطق وأرياف الجنوب ثم السيطرةعلى منطقة كريتر المسماة التلال الملتهبة لمدة أسبوعين من قبل الفدائيين يساعدهم رجال الشرطة العرب والمناضلون في صفوف الجيش الاتحادي. وقد فتحت مخازن الأسلحة للمعسكرات الموجودة في المدينة ووزعت على الثوار وأنصارهم من المواطنين ، والتحم الشعب بجانب المقاتلين من الثوار وقوات الشرطة، التحم الجميع واستطاعوا أن يبيدوا معظم قوات المحتل الموجودة آنذاك داخل المدينة وأن يحرروا المدينة من المحتل ، حينها أحاطت قوات المحتل البريطاني بمدينة كريتر إحاطة الخاتم بالأصبع براً وجواً وبحراً من جميع الاتجاهات واستخدمت جميع قواتها من برية وجوية وبحرية كل هذه القوات اشتركت في المعركة مع الثوار وأنصارهم الذين حرروا مدينة كريتر وبطبيعة الحال كانت المعركة غير متكافئة ، فالمحتل استخدم كل أسلحته من طائرات حربية وغيرها من الجو ومن دبابات ومصفحات ومدفعية ومشاة من البر واستخدمت أساطيلها وسفنها الحربية من البحر بينما الثوار يمتلكون أسلحة حرب العصابات التي شعارها ( اضرب وأهرب ) .. هي ليست أسلحة مواجهة قوات نظامية .. استمر احتلال الثوار لمدينة عدن لمدة أسبوعين تقريباً بعدها انسحبوا وأخلوا المدينة بعد أن تكبد المحتل الكثير من القتلى والجرحى من ضباطه وجنوده واسقطت العديد من طائراته الحربية وطائرات الهيليوكبتر المسلحة ودمرت الكثير من دباباته ومدرعاته وعجلاته والناقلات للجنود .بعد ذلك تحرك جيش التحرير وحرر كل مناطق الجنوب منطقة بعد الأخرى حتى سقطت كلها بيد الثوار .. كانت هذه المعارك واحتلال كريتر الإنذار الأخير للمحتل ودرساً قاسياً وموجهاً لقواته بأن ترحل من أرض جنوب اليمن وزاد الطين أن أعلنت قوات جيش الاتحاد وقوات الشرطة التي كان يراهن عليها الاستعمار بأنها البديل له أعلنت هذه القوات تأييدها للثوار ودعمها الكامل لهم، فما كان من المحتل إلا الاعتراف بالهزيمة والتفاوض مع الثوار ، وأن يمنح الجنوب الاستقلال وأن يرحل من أرض جنوب اليمن ، وهكذا كان ، فأعلن استقلال الجنوب وخروج آخر جندي بريطاني عن عدن في 30 نوفمبر 1967م. ومن غرائب الصدف أيضاً أن يرحل هذا المستعمر من البحر كما جاء محتلاً من البحر ، وهكذا استطاع اليمانيون أن يحرروا بلدهم من الاستعمار البريطاني بعد نضال مرير وتضحيات جسيمة من أبناء هذا البلد المعطاء ، ويجب على التاريخ أن يسجل هذه البطولات وهذه الملاحم النضالية ، ويجب أن توثق معركة استرداد الثوار لمدينة كريتر من قبضة قوات الاحتلال لكي تكون عبرة وعظة للأجيال الجديدة القادمة في سجلات موثقة ويجب على المهتمين بالدراما والتمثيل وفي السينما أن يجسدوا هذه البطولات في أعمالهم المسرحية والتمثيلية والسينمائية ، لتكون ماثلة في أذهان الأجيال الجديدة ليعرفوا قدر وحجم التضحيات التي قدمت لتكون قرابين لتحرير الأرض والإنسان من براثن الاستعمار ومخلفاته.. فالإنسان زائل والوطن باق شامخاً .. وفي الأخير أقول وبكل أسى وأسف إن هؤلاء الأبطال الشجعان لم يعطهم الوطن ما يستحقونه من الوفاء والاحترام والتقدير بقدر وبحجم ما قدموه من تضحيات لهذا الوطن فدائما الأبطال المناضلون الشجعان يقدمون لغيرهم كل غال ونفيس ويقابلون من غيرهم باللامبالاة وبالجحود والنكران، وأمة تتجاهل حقوق مناضليها وتتنكر لهم لاتحصد إلا المزيد من الذل والخسران ، لشهداء الثورة الرحمة والمغفرة والمجد لليمن ..