غضون
- لاحظوا.. رجال الدين عندنا مشغولون بقضايا إستراتيجية مثل صورة على غلاف مجلة أو خبر في صحيفة يقول إن فرقة للرقص الشعبي شاركت في حفل ترويجي لليمن في برلين! يشعرون أن عالمهم ودينهم سينهار بحفل فني أو بركبة امرأة .. يناضلون ببسالة لتكميم الأفواه وتعطيل العقول.. هذا يدل على أن القوم عاطلون عن العمل ويشغلون أوقات فراغهم بالجدل والحرب على هذه الجبهات التي لا تستحق أن تراق فيها قطرة حبر أو أي جهد عقلي أو ثقافي.. وهذا يرينا أيضاً أين نحن.. نعالج قضايا يفترض أنه مفروغ منها منذ ألف عام، ربما لأن هذا ما يتقنه القوم الذين لا يحسنون سوى الاشتغال بالتوافه، وخوض المعتركات السهلة بأدوات سهلة وصدئة.. من من هؤلاء ألف كتاباً في الفقه أو عرف بالاجتهاد أو أثار جدلاً بآرائه الجديدة؟ لا أحد.. كل ما لدينا هم حملة فقه وسماعو إسطوانات وهذه بضاعتهم كلها، فضلاً عن الإيذاء ومقاومة كل جديد وإشعال الفتن الدينية.- نحن لا نتجنى..تذكروا من الذي حرف قضية صعدة من إطارها الجنائي إلى الإطار المذهبي؟.. من الذي خاض في القضية خوضاً مخزياً وأنعش نوازع التعصب المذهبي ؟.. هل العلمانيون أم رجال الدين؟ ومن الذي قتل الأبرياء في مسجد صعدة وفي أماكن أخرى رجال الدين أم العلمانيون؟ من الذي انتزع من الله مساجده التي جعلها ليذكر فيها اسمه وحولها إلى منابر يدعى فيها للإرهابيين وتذكر فيها أسماؤهم؟- مع ذلك نقول إن هؤلاء القوم لا يملكون مشروعاً غير هذا، وهذا هو واقعهم وذلك تفكيرهم، والعيب ليس فيهم بل في قوى التحديث والاستنارة التي لا تقاوم هذا المشروع، ولا تروج بشجاعة لمشروعها الحضاري.