التقاه/ عبدالرؤوف هزاععاش طفلاً صغيراً في تلك القرية الواقعة في قمة جبل قراض أحد جبال منطقة الأغابرة في محافظة تعز مع أفراد أسرته المكونة سبعة أفراد، كغيره من أطفال الأسر الفقيرة المعتمدة في معيشتها على فلاحة الأرض التي لا يسد محصولها السنوي حاجة أفرادها سوى للشهرين الأوليينـ بعد موسم الحصاد.ولم يكن من بد أمام رب الأسرة، إلا البحث عن عمل داخل القرية نفسها وفي أي مهنة يبيع فيها قوة عمله حتى يتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجات الأسرة في الريف لا سيما وأن معظم أبنائه قد التحقوا بمدرسة القرية، وفي مقدمتهم ذلك الطفل الأسمر التي كانت ملامحه تنم عن ذكاء وموهبة متوقدة، ويتضح ذلك جلياً من خلال تصرفاته مع أقرانه عندما كانوا يرسمون أحلامهم الطفولية على خطوط الأرض وأوراق الأشجار تلك اللوحات الأولى لمستقبلهم.ورغم شعور الأسرة بموهبة أابنهم إلا أن ظروفهم المادية كانت تحول دون أن تمكنهم من توفير احتياجات الموهبة وصقلها ومع ذلك كان ذلك الطفل في سنواته الثامنة والتاسعة .. يسمع أقرانه في المدرسة وأبناء قريته صوته العذب تارة بترتيل القرآن وأخرى في بعض الأناشيد والأغاني. حتى أحتل في قلوبهم مكانة متميزة .. وبدؤوا تلك أولئك الأطفال يشجعونه ويحبون سماع صوته العذب .. إلى أن أحتل مكانة مرموقة في مدرسته.لقد كانت مصادفة أن أقيم احتفال في نفس مدرسته في نهاية العام الدراسي أقامه أولاً الحاج هائل سعيد أنعم رحمه الله وكان في صحبتهم مدرس مصري متخصص في الأصوات، وعندما نادوا أحد الأشخاص لتلاوة القرآن الكريم قبيل بدء الاحتفال تعالت أصوات من ساحة المدرسة “بلال .. بلال” هكذا كانت بداية إنطلاقة بداية الفنان بلال عبدالله الأغبري الذي تحدثنا عنه طفلاً وأصبح اليوم فنان الشارقة الأول واحتل مكانة مرموقة في جميع المحافل التي شارك فيها كانت آخرها مشاركته في دورة المقامات بجمهورية مصر العربية وقد حصل فيها على المركز الأول. وهناك تفاصيل أخرى تنشر لأول مرة في هذا الحوار الذي أجريناه معه عبر الهاتف في نص الحوار التالي:بعد أن أستمع الحاضرون إلى ذلك الصوت الجميل وهو يرتل القرآن، وعند اختتام الاحتفال أبى الشيخ أدم المصري الذي قدم قرية حصيفان بصحبة أولاد هائل، أن يعود إلى مدينة “تعز” إلا وقد أصطحب معه، الطالب بلال الأغبري الذي كان يدرس في الصف السادس في المرحلة الأساسية في مدرسة قريته، وأمام إصرار الشيخ المصري وافقت أسرة بلال أن يذهب بلال معه إلى مدينة تعز حتى يتعلم القرآن حفظاً وتجويداً على يد هذا الشيخ .. شريطة أن يتم ذلك في الأجازات الصيفية حتى يتمكن بلال من مواصلة تعليمه في مدرسة قريته.[/c] * ماذا شكل لك خروجك من القرية إلى المدينة؟[/c]** لقد كان خروجي من القرية إلى المدينة ذا فائدة أخرى إلى جانب حفظ القرآن والتجويد هذه الفائدة كانت في الجانب الفني فائدة أخرى ولا أنسى هنا الدور الذي لعبته أمي أطال الله في عمرها في تشجيعي على حفظ القرآن لكونها هي حافظة قرآن وشجعتني كثيراً على ترديد بعض الألحان الدينية. كما لعب أخي الأكبر دوراً في تشجيعي في الجانب الإنشادي لكون أخي منشد.لقد أكملت القرآن واستمررت في مواصلة الإنشاد في مدينة تعز .. وكذا كنت حينها قد أكملت دراستي الثانوية والتحقت بجامعة تعز.[/c] * متى بدأ ظهورك كفنان ومنشداً؟[/c]** ظهوري بدأ عندما وصلت لجنة التحكيم في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة وخاصة برنامج منشد الشارقة وقد شاركت في هذا البرنامج في العاصمة صنعاء مع “750”منشداً يمنياً واستمرت التصفيات على مدى عشرة أيام متواصلة حتى أعلن عن الفائز الممثل لليمن في هذا البرنامج وقد بث عبر بعض القنوات الفضائية والانترنت، وأنا كنت الفائز الأول من اليمن.ومع الأسف الشديد حاول البرنامج الاتصال بي يهنئوني ويعتبروني بأني أنا الفائز وكنت حينها في قريتي وتلفوني مغلقاً لعدم وجود تغطية في الشبكة حينها وقد أبلغني بهذه النتيجة بعض زملائي الذين شاهدوا القنوات الفضائية والمطلعين على الانترنت. كانت سعادتي لا توصف وفرحتي لا حدود لها ومع هذه الفرصة إلا أنني لا أمتلك الإمكانية التي أعد بها نفسي للرحلة إلى الشارقة للمشاركة في المسابقة التي أقيمت هناك وكما يقول المثل “العبد في التفكير والرب في التدبير”.ومع هذه اللحظات التي كنت أفكر فيها إلى أي جهة أتوجه لتعينني على الرحلة إلا أنها فرجت وكان الفضل بعد المولى عز وجل، لأولاد هائل “الجمعية الخيرية” واخص بالذكر الوالد عبدالله عبده سعيد إلى جانب أن هناك من وقف معي.[/c] * وهل كانت لك معاناة وأنت تغادر أرض الوطن أم أن الفرحة أنستك كل شيء؟[/c]** بقدر المعاناة التي عانيتها وأنا في البيت والجهد الذي بذلته للوصول إلى هذه المكانة من ناحية ومن أخرى كنت وأنا أغادر أرض الوطن لأول مرة أحس بالمسؤولية التي على عاتقي عندما أصل إلى مدينة الشارقة وهناك العديد من الشباب القادمين إلى هذه المدينة التي تحتضن هذه الفعالية (منشد الشارقة)، كان القلق يساورني كثيراً والأفكار تتزاحم من هنا وهناك، لأنني ما عدت أمثل نفسي في هذا المحفل بل أمثل وطني بأسره أمثل وطن الوحدة والديمقراطية ولا بد أن أشرف تلك الهامات التي دعمتني وساندتني وعملت في الظل دون أن يعرف أحد عملها المشرف.كنت أعاهد نفسي خفية أن أقدم أفضل ما لدي هذا ما أستطيع فعله كما أن القلق بات يساورني قبل المسابقة في التصفيات الأولى في مسألة التصويت لأن التصويت يلعب دوراً هاماً في التقييم، وبالفعل بدأت المسابقة وعندما جاء دوري للظهور على خشبة المسرح طلبت من الجمهور اليمني مساندتي في التصويت .. ليس خوفاً مني على النقص في الأداء ولكن التصويت يلعب دوراً مهماً جداً في رفع الفنان المتسابق أو هبوطه.وأحمد الله أن الجمهور اليمني لم يخذلني مطلقاً طول فترة المسابقة التي أستمرت شهراً كاملاً حضرها خمسة عشر منشداً من أربع عشر دولة وحتى آخر لحظة في التصفيات النهائية وكان الجمهور اليمني واقفاً معي يساندني وكذا من غير اليمنيين في أصعب اللحظات إلى أن أعلنت النتيجة مبشرة بحصول بلال الأغبري ممثلاً عن اليمن المركز الثالث.- من هنا كانت الانطلاقة الحقيقية لي على المستوى العربي.[/c] * هل كنت راضٍياً عن هذه النتيجة؟[/c]** أحمد الله تعالى على النتيجة التي حصلت عليها وأنا شخصياً لا أستطيع الحكم على نفسي لأن الجمهور هو الحكم وهو الفيصل في النتيجة .. أما بالنسبة لي فأنني أشكر هذا البرنامج والقائمين عليه. لأنه ومن خلال هذا البرنامج تم جمع العديد من النجوم الشباب المنشدين على مستوى الوطن العربي ولولا هذا البرنامج يمكن أن تدفن هذه المواهب عند حدود أسوار بلدانها.[/c] * هل كنت أول المشاركين في برنامج منشد الشارقة؟[/c]** في هذا البرنامج لم أكن أنا أول المشاركين، لأن برنامج منشد الشارقة كان قد بدأ في جزئه الأول وشارك فيه أحد المنشدين اليمنيين وهو عمار العربي وقد حصل على المركز الأول.وفي نفس البرنامج “منشد الشارقة” شارك فيه العديد من المنشدين اليمنيين الكبار، وبتوفيق من الله كان الحظ حليفي. مع العلم قبل أن يختاروني ممثلاً كانت هناك تصفيات في اليمن ومن ضمن المنافسين كان إخواي “ساري، ويوسف” وقد حصل ساري على المركز الرابع على المستوى الوطني وأجريت التصفيات النهائية بيني وبين أخي والمشاركين الآخرين.[/c] * أخوتك هل يمتلكون أصواتاً جميلة ومواهب فنية؟ [/c]** نعم إخوتي أصواتهم جميلة ويتحلون بموهبة وربما يحالفهم الحظ مستقبلاً بمشاركة على المستوى العربي. نعم لي مشاركات أخرى في جانب الأنشاد لأن مشاركتي في مدينة الشارقة أبرتني كثيراً وفتحت الطريق أمامي للمشاركات الأخرى .. لقد استدعيت بعد برنامج منشد الشارقة، لإحياء فعاليات في دولة أوروبية “بريطانيا” أنا وكبار المنشدين في بعض البلدان العربية.كما قدمت لي دعوة للمشاركة في البوم “أعذب الألحان” شارك فيها 12 منشداً أضافة إلى مشاركتي حيث قدمت لي دعوة من الجمهورية اللبنانية في إحياء الذكرى الدينية للمولد النبوي الشريف عليه أفضل الصلاة والتسليم هذا بالإضافة إلى مشاركتي للمرة الثانية في الأردن في مهرجان أرض الخير.[/c] * وماذا عن المشاركات القرآنية؟ [/c] ** أما المسابقات القرآنية قدمت لي دعوة للمشاركة في الجماهيرية العربية الليبية وتم اختياري من قبل وزارة الأوقاف في بلادنا للمشاركة في مسابقة القرآن الكريم وقد تحصلت على المركز التاسع من بين 145 متسابقاً على مستوى سبعين دولة عربية وأجنبية. وبحصولي على هذا المركز قدمت لي دورة في المقامات في ليبيا.كما شاركت في مسابقة القارئ العربي في بيروت على قناة المستقبل وتحصلت على المركز الرابع من بين أربعين متسابقاً.[/c] * أنت كمنشد ترحل كطائر مغرد ولكنك تعود إلى القرآن؟[/c]** هذه حقيقة إنني أعود إلى القرآن لأن القرآن هو المعلم الأول وهو نقطة بدايتي الأولى .. وهو لغة الفصاحة أي منبع لغتنا. ومهما بلغت من المجد والشهرة لا يمكن أن أنسى القرآن الكريم سأظل أشارك فيه كلما سنحت لي الفرصة بذلك.[/c] * ألاحظ أنك تحصر نفسك في جانب الإنشاد لماذا لا تذهب إلى الأغنية العربية؟[/c]** أنا لم أحصر نفسي في جانب الإنشاد الديني والمشاركات الدينية وإنما لم أجد حتى الآن الأغنية الهادفة وذات لغة راقية تضيف للمستمع المتذوق وجمال لغته لن أتوانى لحظة واحدة أو أتردد ستجدني أغنيها مباشرة.لأنني أجد في الأغنية الذائعة اليوم هابطة المستوى في اللغة واللحن الهادف على مستوى الوطن العربي واذ استمعت إلى أغنية في الوقت الحاضر ستجد الآلات الموسيقية تضج حتى تغطي على الصوت أي صوت الفنان وأذ سمعت لأصوات بعض الفنانين ستجد أن صوته لا يصلح للغناء.[/c] *ما هي الأغنية من وجهة نظرك؟[/c]** الأغنية.. هي كلمة هادفة مصاغة بأسلوب أدبي غنائي يحافظ على لغتنا العربية إلى جانب الهدف الذي تحمله الأغنية هذا إلى جانب اللحن الذي يعطي قوة وانتباه للمستمع وكذا الصوت إذا كان شجياً يخضع المستمع للإنصات والاستماع بشغف خلال فترة الأغنية.[/c] * كان لك لقاء مع الفنان ماجد المهندس كيف تم ذلك؟ [/c]** التقيت بالفنان ماجد المهندس عندما كنت في بيروت التقيت به مصادفة وكان نزيلاً في نفس الفندق التي مكثت فيه وتعرفنا على بعضنا من خلال أحد الأصدقاء. والحقيقة أن الفنان ماجد المهندس فنان رائع هادئ الطباع فنان ذواق.. طلب مني أن أسمعه شيئاً من أعمالي وأسمعته ومدحني كثيراً وشجعني كثيراً وأعتبر ما قاله عني شهادة أعتز بها كثيراً.[/c] * هل قدمت لك عروض من بعض الشركات الفنية؟[/c]** نعم تواصلت معي بعض الشركات الفنية الخليجية وقدمت لي بعض العروض معظمها البومات غنائية وعروضها المادية مغرية إلا أنني رفضت مباشرة.[/c] * سبب الرفض؟[/c]** الأسباب كثيرة أهمها من الصعب أن أتحول من مقرئ ومنشد إلى فنان يقدم أغنية هابطة المستوى وبدون هدف.. لأن كلمات الأغاني التي عرضت علي كانت هابطة تماماً ولم تكن بالمستوى الذي يجعلني أؤجل هذا المجال، وأنا شخصياً مازلت في بداية الطريق ولا أحبذ أن أقضي على مستقبلي في مهده.[/c] * ما الجديد عند الفنان بلال؟[/c]** برغبة ملحة من بعض الجهات قررت أن أعمل دورات في المحافظات لتأهيل المنشدين فضلاًَ عن إنزال إلى الأسواق ألبوم أعراس لفرقة البلابل الفنية بمشاركة بلال وهناك البومات قادمة إن شاء الله روحانية وبعضها بدون دف، هذا إضافة إلى البوم خاص من كلمات الشاعر صادق جزيلان بمشاركة سامي الأغبري ويوسف الأغبري.. وبعض النجوم المنشدين في اليمن.[/c] * ماذا سيقدم بلال بالذكرى العشرين للوحدة الوطنية لاسيما وأن الاحتفالات هذا العام ستكون بمدينة تعز؟[/c]** بطبيعة الحال الذكرى العشرون للوحدة اليمنية ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعاً لقد تحقق حلمنا بها وحقق هذا المنجز العظيم ابن اليمن البار الرئيس علي عبدالله صالح. وأنني آمل أن يكون لي ولو إسهام بسيطاً في هذه الاحتفالية الوطنية العظيمة حتى تكون عرفاناً بهذا الحدث العظيم.وإنما حتى اللحظة لم تتصل بي أي جهة رسمية حتى الآن حتى أشارك.[/c] * ماذا تود أن تقول في ختام هذا اللقاء؟[/c]**أود أن أشكر صحيفتكم 14 أكتوبر وقيادتها وعلى رأسهم الأستاذ أحمد محمد الحبيشي وكامل هيئة تحريرها وفنيي الصحيفة وكل العاملين فيها الذين يبذلون جهوداً مضنية لإخراجها بمستواها الرابع كما أشكر لكم كل الاهتمام الذي تبدونها لكافة القضايا المحلية والعربية والدولية ولكل الإبداعات واهتمامكم بشؤون الشباب وإبداعاتهم وهذا لا يدل على شيء مثل مايدل على وجود قيادة واعية.أخيراً أتمنى للجميع كل الخير ونحن قادمون على احتفالات الذكرى العشرين للوحدة الوطنية وفي مقدمته الجميع الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية.