في البدء هلت البشارة من بين أنين ومواجع شغيلة شيكاغو المتوسدين نواصي وشوارع وأزقة فقراء الباسطة .. تعالت صرخاتهم الهادرة لتدوي أنحاء المعمورة .. لا للظلم والاستغلال ونهب مردود قوة عمل وزراع وصناع الخيرات .. تنادى إلى مسامعهم صوت العدل والاستبسال في سبيل انتزاع الحقوق الإنسانية المشروعة." أيها الفقراء هذه ثورتكم .. فاحذروا أن تسرق منكم كما سرقت ثورة الزنج في القرن الثالث للهجرة " .تدفقت جموع العمال صوب فضاءات الشوارع العامة تعزف نشيد انبلاج الفجر الجديد .. فجر انحسار همجية استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .. عصر المساواة لا غالب فيه ولا مغلوب .. عصر تسمو فيه إنسانية الإنسان وحقه في العيش مصان الكرامة يكافئ بقدر ما يكد ويكدح ليستنفع بمردود عرق جبينه ولقمة عيش هانئة ومسكن نظيف وساعات عمل محدده وحقوق عملية عادلة .. وحقوق إنسانية مشروعة يقابلها واجب عملي ملزم تشرعه نواميس تقر بأن الإنسان أغلى رأسمال وهاهي الصرخات تتعالى ويزداد هديرها دوياً وجموع من لا يملكون سوى قوة عملهم يزحفون بخطوات واثقة متناسقة ووقع أقدامهم تدك جوف الأرض ( دم .. دم .. دم .. دم ) . وهاهي صرخاتهم تمتزج بحكمة الداعية الوطنية عبدالله النديم ( عجبت لك أيها الفلاح تدك الأرض بفأسك فلماذا بهذا الفأس لا تدك صدور ظالميك ) .وهاهو الأول من مايو المشع من العرق المتصبب من بين الدحون السمراء يروي الأرض المبذورة بنضالاتهم لتنمو زهرة الحرية والعدالة باسقة متماهية يستنشق من عبيرها كل شغيلة العالم ممن يتوقون إلى عالم ينتفي فيه استغلال الإنسان لمردود عرق وقوة عمل أخيه الإنسان .. عالم يسوده الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار عالم بدون استقوا الأغنياء وتسلطهم على رقاب الفقراء عالم يعزف فيه الجميع نشيد البناء والتعمير والتنمية والإنتاج والمساواة في الحقوق والواجبات .. واليوم وعمال المعمورة وهم يستلهمون هذه الدروس التاريخية يحدوهم في هذا العصر عصر العولمية العالمية أن يكون لصوتهم تعبير فوق الأرض بعد أن تغيرت خطوط وأشكال العمل .. ولم تتغير إنسانية الإنسان باعتبارها سمة لا تتبدل بتبدل الزمان والمكان . فليكن يوم 1 مايو حافزاً للإبداع ولمزيد من تحقيق الانجازات التنموية .. ومحطة لتقييم نشاط العمال ومكافأة المبرزين والمتفوقين والمبدعين .. محطة لجعل العمل وساماً العاملين المجدين .
الأول من مايو دروس تاريخية .. وحوافز للإبداع
أخبار متعلقة