تحل بعد يومين الذكرى الخامسة لاحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) التي نفذتها القاعدة في عقر دار الولايات المتحدة. تلك الاحداث التي غيرت العالم، وقسمته لفسطاطين، وفقاً لتعبير أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، فسطاط بن لادني، وفسطاط بوشي، وأقر زعيم الولايات المتحدة هذا التقسيم، عندما خاض حرب رد على ضرب الكرامة الأميركية، وقرر أن لا مكان للحيادة في هذه الحرب، فإما أن يكون الأفراد والدول، مع الولايات المتحدة أو ضدها! وأحسب أن هذه الأحداث وذيولها الطويلة والمتشعبة والخطيرة قادت العالم إلى مزيد من التعقيد والتباغض والعدائية والقتل ، بناء على العرق أو اللون أو المذهب أوالديانة. لقد خاض العالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حروباً دينية ـ وإن أُطلق عليها أسماء أخرى ـ فالإرهاب الذي بات هو وأقطابه، والمتهمون فيه، مطلوبين من الدرجة الأولى، اندلع بتفسيرات دينية. ألا يتلو من يفجر نفسه، خطاب الشهادة والوداع، وقد ملأه بالأدلة الدينية والاستشهادات والنصوص، ليُعلن أنه ينتصر للدين، وأنه يختار أن يموت بحثاً عن الجنة والحور العين، والنعيم المقيم؟! ثم ألم يعلن متطرفون آخرون في الجهة الأخرى ــ عن طريق الخطأ أو الصواب ــ أن الحروب التي يخوضونها حروب دينية، مستدعين حروباً تاريخية، سيئة الذكر والذكرى، قامت على أساسات دينية؟! لقد مضى العالم بعد أحداث سبتمبر باتجاه الجنون كثيراً، وسار بقيادة متطرفين، فأوغل المسير في طريق وعرة، أقل ما يمكن أن يترتب عليها، مزيد من التعقيد في حياة آحاد الناس، والكثير من العدائية في تعاملاتهم مع بعضهم البعض. وبعد خمس سنوات من الصراع، يؤكد الإنسان أن قدرته على الشر ليس لها حدود، وأن ابتكاره لأفكار الدمار، لا تضاهي واقعيتها أفلام الخيال والحركة، ولا روايات يشطح فيها الابتكار. ألم تكن فكرة اختطاف الطائرات والاصطدام بها في مبان ضخمة، مكتضة سكانياً، فكرة مجنونة ومدمرة؟! أليست أفكار اعتداءات لندن الأخيرة استمرار في ذات أفكار التدمير والقتل الخيالية؟! وسنبقى نشاهد هذا الجنون أمامنا، ونحن نردد: وماذا بعد؟! ولا يجدر بنا أن نختم إلا قائلين: يا لطيف الطف! [c1]*نقلا عن/ صحيفة "الرياض" السعودية[/c]
الفسطاطان .. عين الجنون !
أخبار متعلقة