حدث وحديث
تضاربت الآراء حول مسألة تأجيل الانتخابات النيابية للدورة الخامسة والتي كان مقررا إجراؤها في 27 ابريل 2009م، بعد أن أوشكت أن تنتهي الولاية النيابية الدستورية لأعضاء المجلس النيابي، فأصبح من الأهمية أن يتم التصديق على تمديد الفترة النيابية للنواب لعامين أخرين بعد تعديل المادة (65) من الدستور بموافقة جماعية للكتل البرلمانية لكل من المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) وأحزاب المشترك المعارضة والمستقلين.والمتتبع لما يدور من حوارات بين مختلف القوى الوطنية والسياسية من شتى ألوان الطيف السياسي والحزبي ومنظمات المجتمع المدني بشأن مسألة تأجيل الانتخابات النيابية، يجد أن هناك فريقا يرى أن التأجيل غير دستوري بحكم المادة (65) من الدستور اليمني، التي لم تحدد ضرورة وطنية قاهرة، ولم تشر إلى التأجيل لمدة عامين، وفريق ثان ارتأى أن في هذا التأجيل خير لمصلحة الوطن، لأنه لو تمت الانتخابات النيابية حسب تصور هذا الفريق من طرف الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) في ظل مقاطعة أحزاب المشترك المعارضة لكانت نتائجها غير محمودة العواقب، بل ربما أفضت إلى كارثة حسب رؤية أحزاب المشترك المناهضة وفريق ثالث يرى أنّ للضرورة أحكامها في إرجاء دورة الانتخابات النيابية لهذا العام لمدة عامين، في ظل ما تعانيه البلد من أزمة سياسية مفتعلة، وكان لابد من الخروج منها بحكمة يمانية تقتضي الاتفاق بين طرفي الصراع السياسي (المؤتمر الشعبي العام ـ الحزب الحاكم ـ وأحزاب المشترك المعارضة) على مبادئ ثلاثة رئيسية لحل هذه الأزمة تمثلت في إجراء تعديلات دستورية وإصلاحات سياسية بشأن تطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي والأخذ بنظام القائمة النسبية.وقد حاول المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) أن يتنازل عن حقه في إجراء الانتخابات النيابية حسب الدستور لصالح الوطن، وتأكيد حسن نواياه للمعارضة اليمنية بوجه عام، وأحزاب المشترك بوجه خاص، وذلك في سبيل تسوية الخلافات السياسية كما تقتضيها المصلحة الوطنية العليا، والاتفاق معها على تأجيل هذه الانتخابات النيابية لمدة عامين، بعد إجراء التعديل اللازم للمادة (65) من الدستور والتصديق على هذا التعديل من قبل الكتل البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك والمستقلين.ولا شك في أنّ المدة المقررة لتأجيل الانتخابات هي مدة طويلة جدا كأنه ـ في اعتقادي ـ لم يكن هناك تصور جاه لرؤية المعارضة فيما ينوون تعديله من مواد دستورية محددة تقتضي تطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي وإدخال نظام القائمة النسبية في تطوير العملية الانتخابية بما يحقق المشاركة الفعلية في العملية السياسية من قبل القوى السياسية والوطنية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني كافة، وكم كنا نتطلع إلى اختصار الفترة الزمنية في التأجيل لمدة ستة أشهر فقط، فهي كافية لمن يعي مسؤولياته الوطنية والسياسية، ويؤسس لمعارضة وطنية يمنية واعية وناضجة تضيع مصلحة الوطن وحقوق المواطنين فوق مصالحها الحزبية الضيقة، وتمتلك لنفسها رؤية وطنية واضحة وصادقة حسب ظروف وخصائص المجتمع اليمني، وإستراتيجية واضحة المعالم تنطلق منها في التغيير الملائم للواقع اليمني، في إطار الثوابت العقدية والوطنية المشتركة.ختاما نقول، بالرغم من حرمان اليمن من سمة ديمقراطية مميزة لها في انتظام دوراتها الانتخابية النيابية على مستوى الوطن العربي، وذلك في ظل ضغوط أحزاب المشترك المعارضة، ونزولا عند مصلحة وطنية اقتضتها ظروف البلاد السياسية للصالح العام، فإننا نتطلع باهتمام بالغ إلى إصلاح ذات البين بين السلطة والمعارضة اليمنية، وانفراج الأزمة السياسية بينهما فعلا جراء هذا التأجيل الانتخابي لدورة المجلس النيابي الخامسة، وللاستفادة من فترة العامين لتأجيل الانتخابات النيابية في إنجاز ما تم الاتفاق عليه مبدئيا بشأن تعديل بعض المواد الدستورية والقانونية القاضية بتطوير النظامين السياسي والانتخابي والأخذ بنظام القائمة النسبية بأسرع مدة ممكنة دون تسويف أو مماطلة، وضمان عدم تكرار أو افتعال تأزمات أخرى، بحيث لا تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، وبقدر أهل العزم تأتي العزائم.والله الموفق لمصلحة البلاد والعباد.