غضون
* تدرون.. أنا لا أهتم بالتقارير التي يصدرها مجلس الشورى حول البيئة أو القانون أو التربية والتكنولوجيا والطاقة النووية وغيرها من القضايا العلمية التي يشغل بها وقت الفراغ، لأن المجلس مكون من مجموعة رجال غير معروف أنهم ضليعون في شؤون العلم، لكنني أثق بهذا المجلس عندما يتناول قضايا إدارية أو يصدر تقريراً يقول فيه إن في البلد فقراً له أسباب كالفساد والتضخم الوظيفي ونهب المال العام والتمييز بين الناس في الحصول على حقوقهم استناداً إلى معايير عائلية وقبلية وعشائرية وحزبية.* وسبب الثقة هنا مبررة .. وببساطة هم يقولون ذلك في ضوء خبراتهم السابقة باعتبارهم كانوا مسؤولين كباراً ووزراء وسفراء! أي أنهم عزوا أسباب المشكلة إلى الممارسات التي كان بعضهم يقوم بها.. والأمر ليس شخصياً، فلا مشكلة لدي مع المجلس أو أعضائه، بل كون مجموع ما في هذا المجلس هم الذين أداروا شؤون الحكومة وأجهزتها في السنوات الماضية.. وإلا من الذي مارس الفساد والتمييز بين المواطنين على أسس عشائرية وقبلية وعائلية وحزبية وغيرها من أسباب الفقر التي دونوها في تقريرهم الأخير؟.* لا ينبغي أن يتحول ذلك التقرير الشجاع إلى إدانة الأعضاء، أو أن ينظر إليه على أنه صحوة ضمير، فقيمته الحقيقية انه يشخص المشكلة ويفند ظواهرها وأسبابها، وهو بذلك أداة ثمينة بيد الحكومة الحالية لتستفيد من أخطاء السابقين، وتتأمل في النصائح التي نقلوها إليها في ضوء خبرتهم السابقة.* نقول ذلك حتى لا يأتي يوم ينتقل فيه المسؤولون السابقون إلى مجلس الشورى ـ بعد عمر طويل ـ ويشرعون في سبك تقارير يعددون فيها معايب الحكومة والجهاز الإداري بعد مغادرتهم له كما يفعل أسلافهم اليوم.