غضون
- من الطبيعي أن يتقبل الناس القوانين التي تنظم العلاقة بينهم في مجتمعهم الإنساني، أكانوا حكاماً أو محكومين أو مديرين وتابعين أو رؤساء ومرؤوسين، وإذا كان المرء لا يتقبل ذلك فمحله الغابات حيث لا قوانين بل فوضى، فالإنسان في داخل مجتمعه لا يمكن أن يتصرف بالطريقة التي يتصرف بها طرزان الغابة.- أقول هذا وفي ذهني هذه الموجة التي طرأت مؤخراً بفعل شرود المعارضة أو أحزاب اللقاء المشترك تحديداً، فهم أصبحوا يعلنون رفضهم للقوانين المنظمة للعلاقات الاجتماعية وممارسة الحريات والحقوق.. يقول القانون إن تنظيم مظاهرة أو مسيرة يتطلب بعض الإجراءات التي يجب أن تطلع عليها الحكومة لحماية المظاهرة، وهؤلاء يقولون، لا، نحن سنقوم بذلك دون حاجة لاطلاع وزارة الداخلية على الأمر.. قانون الصحافة يوجب عقاباً على من يقع في محظورات النشر وهؤلاء يدافعون عن فعل المحظورات ومرتكبي المحظورات، يريدون المشاركة في لجنة الانتخابات ويرفضون قانون الانتخابات.. لا يوجد في البلد قانون واحد أيدته المعارضة أو قانون واحد تقبل به.. وسلوك مثل هذا يؤدي إلى الخراب.. حتى القضاء الذي تقول إنه يجب أن يبقى مستقلاً أصبح عرضة لهجومها ولا تقبل منه سوى تلك الأحكام التي تقرر الحق لها.- هؤلاء قد أدى بهم الغضب من السلطة إلى فقدان رشدهم وهم في سبيل إغضابها يعلنون رفضهم لأهم نسيج مسدل على علاقاتنا الاجتماعية، وهو الذي ينظمها ويحفظ التوازن والاستقرار والحقوق والحريات.. وحتى على افتراض أن هذا أو ذاك القانون غير جيد، الصواب هو أن يعالج ليصبح جيداً، وليس رفضه .. لا يمكننا أن نعيش بدون قوانين حتى لو كانت هذه القوانين سيئة.