لست من دعاة التحريض على الرفض والعدمية ! وفي نفس الوقت يدفعني ذلك إلى أن أكون من انصار ( البيئة ) الصحية ، التي يتم فيها تجفيف منابع التلوث بكل صوره !!البيئة الصحية التي ننشدها ، بيئة متعددة : بيئة الثقافة ، بيئة السياسة ، بيئة التعبير ، بيئة التربية والجامعة ، بيئة الرياضة ، وكل بيئة في بلادنا ، تجعل الوطن بيئة صحية شاملة ، ينتصر فيها الانسان ، والابداع ، والمعايير الوطنية والانسانية النبيلة .وشعوري القوي بوجود بيئة صحية ، أوقليلة التلوث ، في أي عمل من الأعمال لايعبر عن ذاته ، إلا من خلال وسائل التعبير التي تتنفسها هذه البيئة.هذا الشعور لايحضرني إلانادراً ، ومن بين حالات الندرة ، عندما حضرت فعاليات حفل الدورة الخامسة لجوائز البحث العلمي ، الأحد ( أمس ) ، في جامعة عدن ، وقد استوعب برنامج الحفل فعالية تكريم بالغة الانسانية ، رائعة الاختيار ، قامت على معايير ، لم يعد يلتفت اليها أحد ، إلاَّ من ترسّخت في داخله قيم مكافحة التلوّث في العقل والنفس البشرية ، وجلس على مقعد ادارة المسؤولية ، وهو ينظر إلى من يشاركه الحياة ومسيرة التطوّر ، نظرهّ انسانية ووطنية ، تعلو على ماسواها من معايير هذا الزمان !! ولابد - هنا - من الاعتراف بالبداية التي أسّس لها الدكتور صالح باصرة ، من خلال العناية بقواعد البحث العلمي . كرّمت جامعة عدن رجالاً وسيداتٍ من صفوة المجتمع ، روّاداً في تنشئة الاجيال ، وفي استنهاض ملكات ابنائه ، مثلّ كلّ واحد منهم ( بيئة انسانية ابداعية ) ، لم تعد مألوفه في هذا الزمن ، تعجز أحزابنا وجامعاتنا ومدننا وقرانا ، عن تقديم نسخ مثلها ، إلا في حدود مايتوافر من مقومات البيئة النقية والصحية ، في هذا المجال ، أوذاك . عندما فعلت جامعة عدن ذلك ، فإني أرى ذلك اعلاناً بعودة إلى بيئة صحية في النظرة إلى العلم والانسان ، اعتقدنا أنه قد تمّ اعلان (وفاتها)!!إنى أعلم بالكثير من الثقة ان رجلاً مثل الدكتور عبدالوهاب راوح رئيس جامعة عدن ، يفعل كثيراً من أجل خلق ( بيئة صحية ) للعلم والإنسان ، وتجربته في أماكن عديدة تؤكد ذلك ، وأعلم - ايضاً - أن اللجنة التي رأسها الدكتور أحمد علي الهمداني لوضع معايير التكريم وقفت على قدر الشعور بمعايير التاريخ والاستحقاق والإبداع ، الذي حكم مفاصل الاختيار والتكريم . إنها حالة من حالات مكافحة التلوّث المعرفي والتاريخي والإنساني في عمل الجامعة ، وستبقى هذه الحالة نقطة مضيئة في (الفكر) القائم في عمل الجامعة بعدن ، ونتمنى أن يتعاظم الضوء من حولها ، فلاتصاب بالحسد من أصحابها قبل غيرهم ، فنعود ضعفاء ، يسلبنا ( لاكتفاء) والتلوث نقاط الضوء التي تشعّ من وقت إلى آخر !!أسعدنا التكريم بآبائنا وأساتذتنا وقادة عقولنا وتعليمنا ، الأساتذة الكبار / عبدالله فاضل فارع ، أبوبكر شفيق ، جعفر مرشد ، سعيد الجريك ،، عبده حسين أحمد ، نجيبه عبدالله حاتم ، نجيب يابلي ، عبدالله عبدالكريم ، الشيخ محمد عبدالرب جابر .. وغيرهم . الانتصار للإبداع والتاريخ ، أشبه ( بعقيدة ) وضعية ، قد يخفّف العمل بها في المجتمع الكثير من آثار الخطايا والذنوب ، التي سببّتها المنعطفات القاسية في الفترة الماضية .
نقطة ضوء في جامعة عدن
أخبار متعلقة