
بكل أسف ان ذلك الحلم الذي داعب خيال الآباء والأجداد قد استحال الى كابوس وادخل البلاد والعباد في أتون حروب وصراعات، لا مجال لتفصيلها فالشعب اليمني يحياها كل يوم حتى هذه اللحظة، ويدرك من المتسبب في خرابها.
ورغم متابعتي للمحتفلين والساخطين إلا انه في الحقيقة استوقفني خطاب الرئيس!
خطاب الأخ الرئيس العليمي، كان خطاباً شجاعاً، أكد على حقيقة من هم صنّاع الوحدة الحقيقيون، ومن ضحى لأجل الوحدة اليمنية ليس كمن ضحى بها، وقد لامس بكلماته عمق الجرح الجنوبي، وحالة عدم اليقين في اللحظة الراهنة، وأكد على أهمية الخروج منها بأسس وضمانات المستقبل.
في تقديري أن الخطاب الرئاسي بات اليوم متقدماً بخطوات عن خطاب باقي المكونات السياسية، وهي التي نكثت غزل وحدة مايو بأيديها، وباتت تقيم سنوياً مولداً وصاحبه غائب كما يقال.
انفصال في صنعاء ووحدة عدن!
واقعنا مرير جغرافيا ممزقة، وتذهب لمزيد من التمزيق، وانفصال في صنعاء مكتمل الأركان بحكومة وجيش واقتصاد وعملة مغايرة لمرتكزات الجمهورية اليمنية، وعدن هي اليوم العاصمة المؤقتة للجمهورية، ومقر حكومتها، ومجلس القيادة الرئاسي.
استمرار حالة اللاسلم واللاحرب، تقود حتماً لحروب قادمة تمزق الممزق وتقسم المقسم.
نخب سياسية أبلاها الزمن
لدينا قوى ونخب سياسية، للأسف نقولها بمرارة أبلاها الزمن، بلا خيال سياسي، ولا ديناميكية تتفاعل مع عالم الاحداث والأفكار، فتولد ابداعاً يخرج بالشعب من محنته، بل على العكس نخب في كثير منها لم تستطع تجاوز أخطائها وخطاياها، وأحقادها، بعقل سياسي تسكنه الفهلوة السياسية، لا الحكمة والرشادة، حين تبحث عن تحالفات هشة، بلا أفق ولاضمانات ولا حتى اعتذار عما اقترفته يداها في مصير الوطن وشعبه ووحدته، حتى الأمس القريب، نحو قفزة جديدة نحو السلطة المنهكة أصلا، لكأن ذواكر أهالي الشهداء والجرحى وباقي فئات الشعب من فصيلة الأسماك لا البشر، مستقبل اليمن بقوى جديدة او بعملية تجديد للنخب السياسية، لمواجهة تحديات زمنها وتفاعلات احداثه المتسارعة.
انقلابان خلال عقدين على محاولات إصلاح الوحدة !
عقدان وانقلابان يفصلان بين نكث وثيقة العهد والاتفاق بتفجير حرب 1994، والتنكر لمخرجات الحوار بانقلاب 2014؛ مسار تراجيدي تتكرر فيه الانقلابات على التوافق الوطني وتُجهض فيه كل فرصة حقيقية للسلام وبناء دولة العدل والشراكة، لصالح عقلية الهيمنة ومنطق القوة الغاشمة الغشيمة.
هل من إفاقة وطنية؟
اليمن المريض اليوم يعيش في غرفة الإنعاش، بعد أن أثخن في جسده بنوه قبل غيرهم، ولن يفيق بمحاليل تغذية من الخارج، ولكن بإفاقة وطنية صادقة من داخل قلوب ابنائه، وظهور رجاله المخلصين الصادقين ممن يقدمون الوطن ومصالحه العليا قبل اي مصلحة ذاتية: كالقردعي ولبوزة والزبيري ولقمان والجفري وقحطان والإرياني ونعمان وفيصل عبداللطيف وعنتر وغيرهم من رجال خالدين في ذاكرة الشعب وضميره أبداً.
كل عام واليمن بخير.