.jpg)
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، اليوم السبت، مقتل أكثر من 60 شخصاً في المدينة السودانية المحاصرة بعد هجوم بطائرات مسيرة على مركز إيواء للنازحين.
واستهدفت طائرات مسيرة لقوات "الدعم السريع" مخيماً للنازحين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً للمنظمة المحلية المعنية بتوثيق انتهاكات الحرب، بعد ساعات من قصف آخر داخل الإقليم الذي يشهد عنفاً متزايداً.
وقالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، ضمن بيان "للمرة الثانية صباح اليوم ’الدعم السريع‘ تقصف مركز إيواء.. بحي درجة (في الفاشر) وتسبب القصف في قتلى". وأفاد البيان بأن ما زالت هناك جثث داخل خنادق حفرت للحماية.
خلال الأشهر الأخيرة كثفت قوات "الدعم السريع" هجماتها غرب وجنوب السودان، بعدما أخرج الجيش مقاتليها من مدن رئيسة وسط البلاد بينها الخرطوم، في النصف الأول من العام الحالي.
وخلال الأسبوع الماضي، قُتل ما لا يقل عن 50 شخصاً إثر هجمات نُسبت لـ"الدعم السريع" على مسجد ومستشفى بالفاشر.
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس اليوم تعرض "المستشفى السعودي للولادة، وهو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في الفاشر، للهجوم ثلاث مرات" منذ بداية أكتوبر الجاري، مما أسفر عن قتلى وجرحى.
وقال غيبرييسوس عبر منصة "إكس"، "تدعو منظمة الصحة العالمية إلى حماية المرافق الصحية فوراً والسماح بوصول المساعدات الإنسانية حتى نتمكن من دعم المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة، والعاملين الصحيين الذين هم في أمس الحاجة إلى الإمدادات الصحية".
وحذر بيان تنسيقية لجان مقاومة الفاشر اليوم من أن "الجميع يموت إما بالقصف أو الجوع أو المرض يومياً".
عاش سكان مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس الجمعة يوماً عصيباً بسبب اشتداد المعارك بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بصورة غير معهودة من قبل، مما حال دون خروجهم لجلب حاجاتهم المعيشية. وبحسب مصادر عسكرية
فإن "الدعم السريع" شنت منذ الصباح الباكر قصفاً مدفعياً وجوياً بالمسيرات على أنحاء واسعة من المدينة تسبب في مقتل أكثر من 10 مدنيين وجرح آخرين. وشمل القصف مخيم أبو شوك للنازحين وحي الدرجة الأولى ومركز دار الأرقم لإيواء النازحين، فضلاً عن بعض المواقع التابعة للجيش ومناطق أخرى تقع غرب الفاشر. وأشارت المصادر إلى أن القصف كان عنيفاً وعشوائياً ومتواصلاً واستهدف المنازل والأسواق والمستشفيات ومراكز إيواء النازحين، غير أنه لم يتم حصر حجم الخسائر البشرية والمادية الناتجة من هذا القصف الذي أدى إلى تفاقم معاناة السكان وهدد حياتهم في ظل ظروف أمنية وإنسانية بالغة الصعوبة.
ومنذ مايو عام 2024 أخضعت "الدعم السريع" مدينة الفاشر لحصار خانق بغية إسقاطها وإكمال سيطرتها على كامل إقليم دارفور بعدما استولت على عواصم ولايات جنوب وغرب ووسط وشرق دارفور في أواخر عام 2023.
في الأثناء أكملت القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة عمليات تمشيط ميداني شامل في مختلف محاور مدينة الفاشر وضواحيها، إذ جرى تطهير المناطق التي كانت تشهد وجوداً محدوداً لـ"الدعم السريع"، لتأمينها وضمان خلوها من أي تهديدات أمنية أو عبوات ناسفة، إضافة إلى تأمين الطرق الحيوية ومداخل المدينة الشمالية والغربية، وفق مصادر ميدانية. وتأتي هذه العمليات في أعقاب سيطرة تلك القوات على نقاط ومواقع استراتيجية داخل المدينة بعد معارك ضارية خلال الفترة الماضية. وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية من مختبر "ييل" ارتكاب "الدعم السريع" جرائم حرق وتطهير ممنهجة على أساس إثني في حي الدرجة الأولى قرب سوق نيفاشا في الفاشر، وكذلك حدوث نمط مشابه من الهجمات في معسكر أبو شوك للنازحين، في ظل حصار خانق وقيود إنسانية قاتلة. واعتبر تقرير صادر عن المختبر أن ما يجري يمثل مرحلة جديدة من الفظائع الجماعية في دارفور، مع تزايد مؤشرات الإبادة الجماعية والعقاب الجماعي ضد المدنيين العالقين داخل المدينة.
وسجلت أنماط مشابهة سابقاً في معسكر زمزم للنازحين الذي أحرقته "الدعم السريع" في أبريل الماضي، وفي أكثر من 100 قرية بشمال دارفور منذ أبريل عام 2024، إضافة إلى الهجمات التي شهدها الجزء الشرقي من الفاشر بين أبريل ويوليو الماضيين.
من جهته دان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك بأشد العبارات استمرار عمليات القتل وإصابة المدنيين في الفاشر، في ضوء تقارير تفيد بمقتل 53 مدنياً في الأقل وإصابة أكثر من 60 آخرين على يد "الدعم السريع" في الفترة بين الخامس والثامن من أكتوبر وقال تورك في بيان "أشعر بالفزع من تجاهل الدعم السريع المتعمد وغير المحدود لحياة المدنيين على رغم الدعوات المتكررة، بما في ذلك دعوتي إلى إيلاء عناية خاصة لحماية المدنيين، لكنهم
واصلوا القتل والتهجير ومهاجمة الأهداف المدنية، بما في ذلك ملاجئ النازحين والمستشفيات والمساجد، في تجاهل تام للقانون الدولي"، وحث "الدعم السريع" وأطراف النزاع على استخلاص العبر من إدانة المحكمة الجنائية الدولية لعلي كوشيب لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور. ودعا المفوض السامي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ذات النفوذ المباشر إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين ومنع وقوع مزيد من الفظائع في الفاشر وفي مختلف أنحاء دارفور.