نجحت الحكومة في تحسين قيمة الريال امام العملات الاجنبية، واحداث تحسن طفيف في بعض الاسعار، وما زال البعض يكابر، مكابرة عدم التضحية بمصالح امتلكها وكانت سببا بالضرر الخدمي والمعيشي.
انها معركة حقيقية بين من يريدون اصلاحا ماليا نحو اصلاح اقتصادي لتخفيف العبء عن المواطن، ومن لا يريدون التنازل عن مصالحهم وما اكتسبوه بغير حق، في فترة متاهة التناقضات والتباينات التي تركت فراغا، تسللت منه قوى الفساد للاستثمار في مصالح الناس للكسب غير المشروع، واليوم يستبسلون للدفاع عن مكتسباتهم، و الشعب يدرك ان المعركة اليوم تجعله يقف مع مصالحه، لينتزع حقوقه الخدمية والمعيشية، والراتب اليوم على رأس تلك الحقوق.
147 مؤسسة لا تورد اموال الدولة لخزينة الدولة (البنك المركزي)، والمقصود هنا بالدولة المعترف بها دوليا، والتي تقاطر اليها الجميع في تحالف لهدف توحيد الجهود واستعادة مؤسساتها لتعمل من اجل استقرار سياسي واقتصادي اولاً، يهيئ الساحة لحشد نحو معركة استعادة الشرعية، وتسوية الملعب ليقول الناس قناعاتهم في مصيرهم وشكل الدولة التي ينشدونها.
ولكن البعض اعتقد العكس، ان عليه ان يسيطر على مفاصل تلك المؤسسات وينفذ اجنداته، وهم اليوم من يغردون خارج سرب الاصلاحات، بل لا تعنيهم تلك الاصلاحات، ويقفون ضدها بدعمهم لقوى الفساد والمصالح.
لا يمكن لأي مشروع سياسي ان ينجح بالرهان على التمزق والتفرقة، وتشتيت الجهود، وخلق معارك جانبية؛ لتشتيت الشمل حتى لا يجتمع الناس على اصلاحات تعيد للناس حياتهم الطبيعية، وتتوقف معاناتهم.
اليوم موظفو الدولة المدنيون بدون رواتب لثلاثة اشهر، والعسكريون بدون رواتب اربعة اشهر، ولم تستطع الحكومة توفير السيولة النقدية، لان بعض النافذين -سياسيين وعسكريين وقبليين- يرفضون توريد الايرادات إلى البنك المركزي، ليتم اعداد موازنة تضمن رواتب مستدامة، وبنود توزيع عادل لتلك الايرادات لتحقيق تنمية مستدامة، وهذا يستدعي موقفا وطنيا وانسانيا من جميع القوى لتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة، ومشروع الدولة الجامعة الضامنة لحقوق الجميع، على مشاريع الجماعات و الفئات وتعدد الولاءات والاتجاهات والاجندات.
هل يعرف من يقف اليوم في وجه تلك الاصلاحات انه يساهم بشكل مباشر في استمرار معاناة الناس خدميا ومعيشيا؟!.
ثلاثة اشهر بدون رواتب معناه ان الناس يموتون جوعا، حيث لا غذاء ولا ماء ولا دواء، وان هناك ابوابا مغلقة خلفها اسر متعففة لم تجد ما يسد رمقها، ولا تفتح تلك الابواب الا بعد ان تبرز روائح الجثث المتعفنة، وتستدعى الجمعيات الخيرية ورجال الخير ليواروا تلك الجثث الثرى، و توفير الكفن والقبر، معظم هؤلاء ممن افنوا حياتهم في خدمة الوطن، وغزت اجسادهم امراض الشيخوخة وأمراض المهنة، ولا يجدون اليوم ثمن الادوية اليومية التي تبقيهم على قيد الحياة.
وما زال البعض قابعا في المناكفة، بينما الحكومة تسير في اصلاحات تخفف مما يتعرض له الناس، والمناكفون ما زالوا يرددون نفس الاسطوانة التي اوصلتنا لما نحن فيه، هم انفسهم يعيشون في نعيم الفساد والاعاشة التي ما زالت تصرف بالعملة الاجنبية، بينما الناس بدون رواتب، ومن العار ان يحدث هذا؛ لان الشخص المحترم لا يقبله ولا تقبله المجتمعات المحترمة.
فهل نحن في زمن فقدنا احترام بعضنا لبعض، وصار كل يبحث عن مصلحته ويموت من يموت من اجل ان يعيش الفاسدون؟!.
لا اعتقد ان الشعب غافل عما يدور، وهو لن يستسلم للفساد مهما حاول ان يختفي خلف لافتات وشعارات، فالمعاناة تولد القدرة على تمييز الحقائق من الاوهام، والوقع يحكم والشعب اقوى وأصلب من فئات فاسدة وحقيرة في مجتمع صاحٍ لهم.