الغناء اليمني وقصص أعلامه *



علي المقري
14 أكتوبر/ خاص:
يُعد كتاب «من هنا مر الغناء دافئا: شعراء ومطربون يمنيون» للشاعر والباحث محمد عبد الوهاب الشيباني من أبرز الكتب التي صدرت خلال السنوات الأخيرة عن الغناء اليمني وشعرائه، فالكتاب الذي صدر عن «دار مواعيد» في صنعاء يبدأ بتناول أهم الشعراء الذين جددوا الأغنية اليمنية، وأبرزهم عبدالله سلام ناجي(1939 - 1999) الذي قاربت لغة قصائده اللهجة المحلية في تعز وعدن، كما بدا من خلال مجموعته الشعرية الأولى، «نشوان والراعية» (1964)، أو من خلال الأغاني التي غناها عدد من الفنانين، مثل «ميناء التواهي» و«قطفت لك» اللتين غناهما محمد مرشد ناجي (المرشدي)، وأغنية «نجم الصباح» التي غناها فرسان خليفة، و«غزير السلى» لمحمد عبده زيدي، و«الدودحية» التي غناها زيدي وخليفة، وتحاكي قصة حب شهيرة في اليمن تتحدث عن هروب فتاة مع ابن عمها، وتزامنت مع أغنية الشاعر مطهر الإرياني، «خطر غصن القنا»، التي غناها علي الآنسي وتحاكي القصة نفسها.
وقيل إن عائلة «الدودحية» جاءت إلى الرئيس اليمني عبد الرحمن الإرياني، في بداية السبعينيات، تشتكي من تهكم الناس عليهم بأغان فيها قصة فتاتهم، فعهد الرئيس الأمر إلى قريبه الشاعر مطهر، فكتب أغنية «خطر غصن القنا» على منوال اللحن الشعبي نفسه، ليلهي الناس، بجمال كلماتها وإيقاعها، عن القصة الأصلية.
يشير الشيباني إلى قصائد مطهر الإرياني (1933 - 2016) التي اشتهرت بصوت المغنين، وأبرزها أغنية «البالة» التي غناها علي السمة، وتصور عذابات اليمنيين في الهجرة أيام حكم الأئمة، وأغنية «يا قافلة عاد المراحل طوال/ وعاد وجه الليل عابس» التي لا تختلف عن سابقتها في تصوير معاناة اليمنيين. وهناك أغان عاطفية شهيرة للإرياني مثل «وقف وودع» التي غناها علي الآنسي، و«قالت الهائمة» للفنان محمد قاسم الأخفش الذي لحن له أيضا أغنية «ألا جئنا نحييكم ونسمر معكم»، وغيرها من الأغاني التي يتتبعها الكاتب.
ومن الشعراء الذين كانت لهم بصمتهم الواضحة في الأغنية المعاصرة، الشاعر أحمد الجابري الذي له إنتاج غزير توزع بين عدد من المغنين وأبرزهم المرشدي وأيوب طارش وأحمد بن أحمد قاسم. ومن أشهر الأغاني التي كتبها «على امسيري» و«أخضر جهيش مليان» و«عدن عدن يا ليت عدن مسير يوم» و«هربوا جا الليل» و«أشكي لمن» و«يا صبايا فوق بئر الماء» و«لمن كل هذي القناديل».
يتناول المؤلف أيضا أحد أهم الشعراء الذين أثروا في الأغنية الحديثة، وهو سعيد الشيباني صاحب أغنيات «يا نجم يا سامر» و «من العُدين يا الله» و«حقول البن» و «يا طير يا رمادي».
أما الشاعر سلطان الصريمي فقد اشتهرت قصيدته «نشوان» التي كانت بمثابة بيان سياسي لا يزال يردد حتى الآن وغناها المرشدي، كما غنى له عبد الباسط عبسي أغنية «مسعود هجر» وغيرها من الأغاني الاجتماعية. ومن هذه التجارب اللافتة تجربة الشاعر محمد عبد الباري الفتيح وتجربة الفنان محمد سعد عبدالله الذي كان يكتب معظم أغانيه.
يتناول الشيباني عددا من المطربين الذين سبقت الإشارة إليهم هنا، إلى جانب بعض الأسماء المؤسسة في الغناء اليمني، إضافة إلى الثنائيات الشعرية الغنائية. ويخصص المؤلف حيزا للكتابة عن الأصوات النسائية الأولى، ويكتب عن فناني الشارع الذين كان على صلة بهم، وأبرزهم رشيد حريبي صاحب شعار «ادفع مئة تسمع أغنية».
______________
(*) من مقال للكاتب في مجلة (المجلة) 9 يوليو 2025 عن ثلاثة كتب عن الغناء اليمني نشر بمناسبة يوم الأغنية.