أقواس
التداعي الحاصل بشكل متواتر واللافت للانتباه مايجري هذه الأيام بالذات وفي غفلة من المرافق والمسئولين الذين يفترض فيهم القيام بمهامهم على أكمل وجه برزت قضية الآثار والمواقع التاريخية التي صارت قضية رأي عام وتناولها الكتاب والصحافيون ما أوصل رسالتهم إلى الجهات المعنية التي تداعت للقاء ضم نخبة من هؤلاء المثقفين والمهتمين وجهات كالجمعية التاريخية والجمعية الجيولوجية وأساتذة وباحثين.. وكان أن نشرت صحيفة(الأيام) خلال إعداد تتلاحقه لهذه القضايا.. كان أهمها قلعة صيره، ومدرسة جبل حديد المعلمين اللذين كنا قد اشرنا إليهما في مقالات سابقة وما يحدث لهما من تدمير وتخريب تحت مسمى الاستثمار ولكن الأمور كانت تؤخذ ليس كما ينبغي وأشير اليوم إلى مكمن الخطر المستفحل الذي يتهدد كل المعالم الأثرية والتاريخية بسبب عجز القائمين على ذلك .. وإنها والله لطامة كبرى!أن القلاع والاستحكامات التاريخية لمدينة كريتر، الضاربة في القدم كناقد أفردنا لها مقالة في (الأيام) بتاريخ 23 مارس2005 العدد(4436)وأسميناها: (قلاع وحصون وشيء من جنون) وفندنا فيها ما تتعرض له آثار وحصون وقلاع عدن التاريخية وقادنا مالذلك من أهمية في بعض الدول كجمهورية (سلوفاكيا).وتحدثنا عن مدرسة جبل حديد في (الأيام) بمقالة أسميناها(المعلم التليد في جبل حديد) بتاريخ: (24 ديسمبر 2007م) وأشرنا إلى خطورة التصرف بالموقع أو بيعه لمستثمر عربي مايعني التفريط بالمعلم وتاريخه وكذا الدوس على المدينة وتاريخها بشكل سافر..وكتبنا عن ساعة (بيج بن عدن) في (الأيام) بتاريخ (30 مايو2007) وبينا عمرها ومكانتها والمحاولة للنيل منها، ولم يسمع كلامنا ولا أصواتنا التي بُحت.. وهكذا الحال.. إلى جانب كتابات لكتاب وصحافيين كثيرين هم أدرى مني بذلك ولصيقون بالمنطقة أكثر، لكن .. ياليتنا لم نكتب!وانتقلنا بثقل تلك المواقع إلى صحيفة الحكومة (14 أكتوبر) وقلنا أن كانت (الأيام) صحيفة أهلية وطنية لم يعتدوا بها لأنها غير حكومية فإننا سننقل الفكرة بأشكال أخرى لجوهر واحد ونشرنا مواضيع كثيرة عن (المنارة وصيره ومراوح المحل والدروب السبعة وساعة بيج بن البنجسار ومدينة عدن واستحكاماتها التاريخية) وهي مواضيع طازجة نشرتها (14 أكتوبر ) مشكورة لعل في ذلك فائدة تذكر!لقد نوهنا ونبهنا فكسبنا العداء والكره في حين نحن لا نكره للناس أي شيء فيه فائدة لهم، لكننا فقط نحتج للتفريط في هذه المواقع المهمة جداً فهي وجه البلاد ورمز تخليد للعباد الذين نحتوها وبنوها وماتوا وهم يفاخرون بها .. وكان الأجدر بنا أن نكون عند المستوى..واليوم .. بدأ الخطر يزحف على هذه المواقع وربما لو لم نتخذ موقفا شجاعاً لأتت أيام أخرى وقد فقدنا كل شيء فأين نحن مما يكتب ومن هو المسؤول عن صيانة وحفظ التاريخ والآثار؟ وإذا كانت الحكومة هي المعنية فأين القانون والمحاسبة وكيف تتم هذه الصفقات المخجلة بحق بلد وشعب وتاريخ أمة؟!أتذكر وزيراً ايطالياً بكى عندما لاحظ الهدر والنهب لآثار في مأرب..رجل أوروبي يبكي على آثار يمانية.. يا لهول المأساة.. لكن هل نستفيد من ذلك ونتعظ؟!أعتقد أنه آن أوان المحاسبة الجدية، وإماطة اللثام عمن هم وراء هذا العمل التخريبي الضاربنا وببلادنا وأجيالنا القادمة.وشكراً كثيراً لـ( الأيام) صحيفة كل الناس والوطن.. وشكراً لـ(14 أكتوبر) الحكومية التي فتحت آفاقاً رحبة وشجاعة للنقاش والنقد البناء وشكراً لكل الكتاب والصحافيين والجمعيات والهيئات والباحثين وكل من أسهم بكلمة طيبة تجاه ما يجري لآثارنا..إنها لبداية لكشف الحسابات الدنيئة!