شبعنا بل و"غثينا" من الحديث عن الأسعار وتحديدها بدلاً من تركنا لها الحبل على الغارب تشرق بنا وتغرب، ساخرة من جهلنا بقدرتها على التسلق وصعود حتى القمم الملساء وامتناعها عن النزول ولو القينا اليها باكوام السلالم واطنان الحبال. ويبدو ان الأسعار لاتريد ايقاف عبثها بنا وان تعقل وتحترم نفسها أو تحترم الناس البسطاء الذين يكتوون بنارها حتى لم تعد جلودهم تتحمل المزيد من حرارتها المميتة.والمشكلة ان الأطراف المعنية بحل ارتفاع الأسعار كثيرة وكل طرف يرمي الكرة إلى ملعب الآخر ويقول إنه المسؤول عن تسديدها إلى الهدف.والحقيقة أن حل هذه المشكلة بل القضية بل المعضلة لايمكن أن يعتمد في حلها على مجرد الخبرة الادارية والنيات الحسنة بل لابد للمجتمع بأسره من العمل والمشاركة في حلها مع تفاوت المسؤولية بين القيادات والاشكال المكلفة بالحلول، فالحكومة مسؤولة خصوصاً الوزارات الواقفة في الجبهة الأمامية كوزارات التجارة والعدل والداخلية والإعلام وكذلك القطاع الخاص "التجار ورجال المال والأعمال" ومنظمات المجتمع المدني.والمشكلة في موضوع الأسعار لاتكمن في مجرد تحديدها وطبعها على البضاعة ووضع القوائم بها وتعليقها في المتاجر ودكاكين البيع ولكن الأساس هو في وضع اسعار حقيقية وليست مزيفة، اسعار عادلة وليست ظالمة أي أسعار لاتظلم التاجر او البائع وكذلك المشتري، فالأسعار المعروضة امامنا للسلع مبالغ فيها وأذكر ان التجار الباحثين عن الحلول كانوا يحددون أرباحهم بنسبة تتراوح بين "10 و15%" أما الآن فلا مانع ان يطلب البعض ارباحاً تزيد على المائة في المائة بل وقد تصل إلى "500%".ان الاقتصار على وزارة التجارة في تحديد الاسعار لايكفي فلابد من مشاركة المجالس المحلية وممثلين عن مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني ضمن لجان تحديد الاسعار وكذلك الرقابة في تنفيذها وعدم التلاعب بها.إن وضع حلول صحيحة لمسألة ارتفاع الاسعار لن تكون إلا بوضع آليات وبرامج عمل لمشاركة مختلف فئات المجتمع في حل هذا الموضوع.والامر ليس بهذه البساطة وعلى وسائل الإعلام بمختلف اشكالها "صحافة، إذاعة، تلفزيون" القيام بحملات مكثفة وبنفس طويل فمجرد كتابة مقال أو موضوع حول الاسعار لايكفي بل لابد من المتابعة فإعلامنا ـ للأسف ـ معروف بنفسه القصير، .. لابد من توسيع مسالك الشعب الهوائية لعملنا الإعلامي وجذب مختلف فئات المجتمع للمشاركة في وضع التسعيرة الصحيحة وتنفيذها بكل دقة وأمانة.(في العمود القادم .. الاسعار والإيجار"
جحيم الأسعار
أخبار متعلقة