محمد شرف محمد سعد عبد الله فنان بما ت تحمله كلمة فنان من دلالة راقية وما تتضمنه من سمو.. هو مدرسة في سيرته، ليس سهلاً في الدخول إليها أو الاقتراب منها كونها تشترط إلى جانب الميزات الإيصالية الحسنة روحاً مشبعة بالتفاني تتمثل المعاني والمثل الفنية في الإخلاص والتسامح والعطاء.. رسالة الفنان وقدره .. لا يستطيع احتمالها وتحمل أثقالها إلا فنان حقيقي!! إنني أتحدث هنا عن ذلكم التناسق الأدائي الذي كان يتميز به الفنان الراحل محمد سعد عبد الله، الذي سار به نحو القمة عن طريق التحدي المتواصل، واستقر هنالك، وسيستقر ويكبر مع الزمن، مهما تعاقبت وتتالت السنوات.. لأنّه وضع خطاً بارزاً وحياة يمكن استثمار اكتشاف ما فيها من جدة وأصالة.. وأجزم أننا سنصل ذات يوم إلى إدراك قيمة هذا الفنان الحقيقية التي هي أكبر مما نعتقد حاضراً!! لكشف ما تحت هذا السر أطرح السؤال الآتي : إذا وضعنا أمام أي ناقد ألبومات محمد سعد الغُنائية كاملة، وطلبنا منه أن يستبعد منها الأعمال الضعيفة المستوى.. ترى كم سيرمي منها؟ وهل سيرمي؟ أنا أستبعد أن يجد الناقد بين أعمال بن سعد ما سيطالب بشطبه من إنجازات هذا الفنان العظيم.. لأنّه تجربة فنية متكاملة تسعد الجمهور.. وتتحسس عوالمهم في المراحل التاريخية المتغيرة. وإذا عممنا السؤال السالف على آخرين من الذين يتخذون من الفواصل التاريخية أسباب قوة حضور وعطاء.. سنجد أنّهم رجال (موضة) لا فرق عندهم بين العمل الفني والسيادة.. عند كل تغيير يسيرون بمثل حركة المرور، يذهبون حيث تشير عقارب الساعة.. ويجوز بالطبع أن تصيب مرة، وفي الثانية تطيش!! لكن هذا ليس هو ما يهم، فالأهم عندنا عَلاقته بالفن، وفحوى النشاط الذاتي. هؤلاء لا يحتاجون إلى جهد وتتبع، لأنّهم أول من يسارع إلى إخفاء أو رفض جزءاً ما كان قد رصده وبذات المنوال.. ليس له حيلة في حسم الأمر غير التقادم، وهذا لا يلتمس عظمة الفن، ولا يعرف نسائمه وأسراره.. فالفنان تنميه عمق المشاعر وعظمة التحدي والتحمل.. وبالتواصل يزداد نمواً ويكبر ويظل كذلك على الدوام.. لأنّه يرفض التوقف أو الجمود.. ويبحث عن الجميل.. ويأمل أن يأتي الجميل الأجمل!! حيثما تكون (السياسة) في مركز السيطرة والهيمنة البارزة.. تصير (الثقافة) عبارة عن جمل منمقة تستخدم للتبريكات والتهاني والإشادة والوصف الرائع.. وتتحول الأغاني إلى بطاقات معايدة وتهاني مناسبات.. ومن احتفظ بمعاني الثقافة والفن الحقيقية، فقد اختار الخطو في طريق الأشواك!! هكذا كان (محمد سعد عبد الله) الذي اختار طريقه مبكراً ومضى فيه بتناغمٍ وتنامي متناسقٍ.. لقد وجه خطابه الفني الأنيق نحو الوجدان، نحو الذوق.. حتى مع تنوع الأغاني وتقلب الأحداث، تظل نكهته تميز كافة أعماله، عاطفية كانت أو سياسية.. وحين شحت القصائد وقل شعراء الأغاني وصعب عليه أن يجد لونه في رحى شاعر.. اتجه إلى كتابة كلمات أغانيه، لأنّها جاءت كمطلبية فنية خالصة، فقد مدته بحسن التواصل والنجاح المستمر.. وهذه خاصية فنية سامية، إذا ما قورن ذلك بواقع الحال عند من لجأ إلى ذلك السبيل بواعز ظرفي استهلاكي.. لأنّهم لم يجدون بغيتهم عند شاعر، فانحطت بهم الكلمات، وانحطوا بفنهم إلى درك يرثى لهم فيه!! ويمكن أن تظهر الكبوات والهفوات في مسار تجربة أي فنان.. لكنه تصغر أمام عطاء كبير.. ومحمد سعد امتداد زمني طويل في امتداد، ومهم بالنسبة لزمنه.. حصيلته عبارة عن ألبوم عريض وبارز، هو بمنزلة منظومة ذاتية أو جامعة بين الذات والموضوع.. زاخرة بإسهامات فنية.. ومشاعر إنسانية تتحدث عن حياة.. وتشدو بالنغمات!! وستظل أعماله في الدهور حاضرة وشاهدة على فنانٍ من هذه التربة. عامش لفنه .. وسما بعطاءاته.. وخلد بإبداعاته وروائعه .. إنّه الفنان الحاضر والخالد أبداً محمد سعد عبد الله.
|
رياضة
الحاضر أبداً محمد سعد عبد الله
أخبار متعلقة