رحم الله والدي الذي كان ينصحني بالقول : " تخرب بشوره ولا تعمر بشورك " ، بهذه الكلمات اختزل نوع العلاقة بين الزوج والزوجة في غالبية البيوت العربية عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار. أراد أن يختصر لي مشوار التعب الذي قد ينجم عن إبداء المرأة رأيها عندما يتعارض مع رأي زوجها، وهذا يعني باختصار " اشتري دماغك". بمعنى إنه من الأفضل أن يتخذ الرجل القرار وأن يتحمل تبعات ذلك القرار مهما كانت نتائج ذلك القرار، على أن تتدخل المرأة برأيها الذي يحتمل أن تكون نتائجه أكثر إيجابية. محصلة هذا التوجه التربوي الشائع في مجتمعنا، أن كانت معظم النساء نتاجاً لثقافة تخصّب السلبية والهزيمة حيث يستحب للمرأة تنازلها عن رأيها مقابل انتزاع الشعور بالرضا من شريك الحياة إن صح التعبير. لأن مفردة " شريك " هي أبعد ما تكون عن وصف كثير من هذه العلاقات. لأن كلمة شراكة توحي بتوازن وندّية على جميع المستويات، بينما للأسف يقتصر تطبيق مفهوم الشراكة بشكل فعلي بين الزوجين في غالبية الحالات على مساحتين رئيسيتين، هما السرير وبنسبة تنحرف في كثير من الأحيان عن نسبة 1:1، والمشاركة في حساب الإنفاق على متطلبات الأسرة إذا كانت المرأة عاملة. وبذلك يتوقف مفعول الشراكة الفعلية خارج أسوار هذه الحدود التي قد تلمس أموراً تتعلق بتحقيق الذات، أو الطموحات الشخصية. وحتى أكون منصفة يسمح للمرأة بإبداء رأيها عندما يكون شريكها متسامحاً ونسبة هؤلاء قلـّة، أو في حالة خشية الزوج من توابع النكد الزلزالية الناجمة عن الاختلاف بالرأي. لكن غالباً ما ينتهي الأمر وبقدرة قادر إلى أن تكون الكلمة الأخيرة هي كلمته بغض النظر عن مدى حصافته وبعد نظره، وغالباً ما يستخدم فيتو " القوامة" لاختصار وجع القلب دون التعريج على شـَرطـَي القوامة الأساسيين .. وأقصد هنا " بما فضّل الله به بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم".ينصح لنا نحن معشر النساء بأن نسلك الطريق الآمن والانسحاب بهدوء من أي نوع من المواجهة أو المناقشة، أو محاولة إثبات صحة الرأي. هذه التربية السلبية للأسف كانت سبباً رئيساً في خسارتنا للكثير، وأهم خسائرنا إنتاج جيل من الفتيات لا يعرفن متى وكيف يستخدمن لا النافية للظلم. ما أثار هذا الموضوع لقاء مع زملاء من "المثقفين" من الذكور الذين تندروا بقضايا المرأة بعد طرح أحدهم فرضية أن اللغة العربية هي لغة ذكورية لم تنصف النساء. قال ذلك الزميل أن معظم مفردات النكد مؤنثة مثل المصيبة، والكارثة، والعاصفة، ناسياً أن الحرب، والزلزال، والإعصار، هي مفردات مذكرة. سانده بالرأي زميل آخر بالقول: يكفي أن الرجل إذا دخل البرلمان يطلق عليه لقب نائب، لكن إذا دخلت المرأة البرلمان فهي " نائبة"، وإذا أصاب الرجل فهو مصيب، وإن أصابت المرأة فهي " مصيبة".رغم ذلك لا أظن أن لغتنا العربية هي لغة ذكورية.. على العكس تماماً، اتسعت اللغة العربية لاحتواء المفردات المؤنثة والمذكرة بنفس النسب، كما سمحت بهامش كبير من التطبيق اللغوي بنفس الإنصاف، لكنني أعتقد جازمة بأن تربيتنا انتقائية تعمل على دعم مشيئة الذكور.[c1]* كاتبة سعودية[/c]
إن أصابت المرأة فهي "مُصيبة"!
أخبار متعلقة