بعد حقبة غير قصيرة من السلام والاستقرار .بعد زمن عشناه في أمان وكدنا فيه نتخلص من أوجاعنا من آهاتنا ، من أناتنا وقلقنا المضطرب وأحزاننا الثكلى بأوهامهم بعد أن التحم الجنوب بشماله والشرق بغربه ، وأجتمع الأخ بأخيه والأم بابنها دون قيود . مزقنني مشاهد 2 أغسطس الفائت من الألم ، أحرقتني تلك المظاهر التي استحضرت تلك الصور التي لاتزال عالقة في الذاكرة نتيجة حروب وانقلابات و تراكمات الماضي المؤلم .أخذ الجميع يصرخ ويرمي بالاتهامات جزافا هنا وهناك أخذت أسأل نفسي أين هي الحقيقة ، هناك حقوق ضائعة وهناك اختلالات وفساد إداري ومتنفذون! وهناك وطن كبير وموحد مستقر يسير بنا إلى الإمام ليلحق بركب التطور والتقدم الذي تشهده دول العالم وتتسابق لبلوغه ، وطن يتميز بوحدته ومساحته الكبيرة وموانئه المتعددة وأقاليمه المناخية المتنوعة وموارده البشرية والطبيعية الكبيرة ونظام ديمقراطي يسمح للمواطنين والأحزاب بالتعبير عن آرائهم واختيار حكامهم عبر الانتخابات !، بالإضافة إلى حرية الصحافة . بالتأكيد هناك قراءات للواقع المعاش الذي نعرفه جيدا لأننا نحن مفراداته ، فمن حقائق هذا الواقع وجود هؤلاء القادة والعسكريين والمتقاعدين والمفرغين من أعمالهم وشباب عاطل بلا عمل وجميعهم يعانون من حياة قاسية جدا دون أن يجدوا حلولا موضوعية لمشاكلهم .. وهناك مشكلة البسط على الأراضي ومعاناة الكثير من المؤسسات والمرافق والقطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتي تحتاج إلى انتشالها من أوضاعها وغيرها من القضايا المتعلقة بالمحافظات الجنوبية من الوطن .كل هذه التساؤلات والحقائق جعلتني أفكر أين هي الحقيقة ؟ أليس كل هذا الغضب من قبل أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية سببه ظلم هؤلاء الذين يرمون بأوزارهم على الوحدة ؟ أليست اليمن بكل ما تتمتع به من ثروات ومميزات تجعلها تندرج ضمن مخططات قوى داخلية وخارجية لا يسعدها أبدا وجود يمن قوي وديمقراطي . فلولا كون بلدنا بلدا ديموقراطيا لما تأتى لأبناء الشعب الخروج في مثل هذه المظاهرات للمطالبة بحقوقهم وما شاهدناه من إحكام قوات الأمن في ضبط الوضع لم يكن سوى حماية الوطن والمواطنين من هذه القوى التي يهمها توظيف هذه المصاعب لإضعاف النظام وزعزعة السكينة العامة.على الدولة أن تدرك حقيقة وجود بعض المشاكل والتظلمات والحقوق التي يجب معالجتها في مختلف المحافظات اليمينة وليست الجنوبية فحسب ، وعلى وسائل الإعلام الرسمية أن تتفاعل مع هذه القضايا والمشاكل والاختلالات ومساعدة السلطة على معالجتها بدلا من أن نتركها تتراكم ثم يأتي من يستغلها لأغراض سياسية داخلية وخارجية.لا أظن أن ترك الأمور والمشاكل العالقة بدون معالجة يفيد النظام ولا أعتقد أن الذين يستغلون هذه المشاكل والقضايا والهموم لغرض التوظيف السياسي والتحريض والتعصب يمكن أن يخدموا أنفسهم أو وطنهم .. فالجميع خاسرون .. الدولة خاسرة عندما تترك المشاكل بدون معالجة .. والمعارضة خاسرة أيضا عندما تستغلها لأغراض سياسية و حزبية ، وأبناء الوطن يكونون الضحية الأولى بعد ذلك . لا أظن أن المعارضة لديها عصا سحرية لحل كافة مشاكل البلاد وفي مقدمتها الفقر والبطالة والغلاء وتفشي الأمية والفساد بمجرد وصولها إلى الحكم .. ولا أظن أيضا أن الدولة ستكون بمأمن من خطر تراكم هذه المشاكل والمعاناة . يلزم أن نتسلح بوعي وحس وطني يدرك الجميع من خلاله ضرورة وضع حلول وطنية شاملة للمشاكل التي تواجه البلاد بدلا من استخدامها في المكايدات السياسية والمصالح الخاصة .كما يلزم أيضا أن يمارس الجميع الديمقراطية لتعميقها وإرساء قواعدها وجعلها مدرسة للحوار والنقاش والبحث عن الحقيقة بدلا من استغلالها في تصفية الحسابات وتحويلها إلى ساحة للصراعات التي تضر بمصلحة الوطن .تأملوا جيدا في مصير الصومال هذا البلد المجاور ، ألم يؤدي تمزقه إلى شقاء أهله وتشردهم وفقرهم !علينا أن نحل مشاكلنا في ظل الوطن الواحد وأن نحذر من المشاريع الصغيرة التي تحاول زعزعة أمن واستقرار الوطن وفتح أبواب المجهول أمام شعبنا وأجيالنا القادمة .علينا أن نبتعد عن الأوهام والأحلام الهدامة ، أن لا نكون منفى لأوهام وفتن الماضي ، بل أن نواصل طريق التنمية وبناء الوطن وانتشاله من السقوط في هاوية الدمار والفقر والتشرد والكوارث في حين تتقدم كل دول العالم .وها هي الحكومة قد شكلت لجان وزارية بتوجيهات من السيد الرئيس ولامست هذه اللجان الواقع عن قرب واستمعت إلى العديد من الآراء والشكاوى والتظلمات وتعرفت على الكثير من المشاكل والقضايا المشروعة التي يتوجب معالجتها وتبرئة الوحدة منها .إذا فالحقيقة هي أن قوتنا تنبع من وحدتنا ومن وعينا بما هو لنا وما هو علينا .. من تكاتفنا معا نحن أبناء الوطن الواحد .. لذا علينا أن نفوت الفرصة على المتربصين في جر أبناء الوطن إلى التمزق والانشقاق والعمل سويا على تشمير السواعد كل من موقعه مسئول ومواطن لبناء وطن قوي وجديد يحلق بنا في سماء التقدم والتطور ويزرع لنا مستقبل جميل .
مشاهد مؤلمة وقلق مشروع
أخبار متعلقة