ملكيون أكثر من الملك ( !! ) .. تذكرت هذه الحقيقة المعبرة عن المزايدة الفاحشة ، والخارجة عن الحدود المسموح بها .. وأنا أتابع في الأيام الماضية وقائع المحاكمة القضائية للصحف التي أعادت نشر الرسوم الدنماركية المسيئة لشخص الرسول العظيم (صلى الله عليه وسلم) ، مع إن إعادة النشر من قبل هذه الصحف وهي الحرية ، والرأي العام ، يمن اوبزرفر ، كان من باب الرد على أصحابها ، وفي مقام الدفاع عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انطلاقاً من القاعدة الأصولية التي قررها أهل العلم بإجماع وهي أن ناقل الكفر ليس بكافر ما لم يرض به ويعتقده ، وفي مثل هذا ايضاً يقول الطحاوي رحمه الله صاحب العقيدة الطحاوية التي ينتصر لها السلفيون من قبل ومن بعد ، يقول :( ولا نكفر بذنب ما لم يستحله)! .. ومعنى هذه العبارة أننا لا نحكم بكفر مرتكب الذنب والكبيرة ولكننا نحكم بكفر من احل الذنب والكبيرة أي من أحل الحرام ونادى بتحليله!! لكننا _ والحق يقال ابتلينا بداء العمى وشلل العقل من جراء انتصار العصبية الرجعية وتسلطها على مفاصل الإفتاء والدعوة والإرشاد في كل انحاء الإسلام (!) .. من قبل أناس اعترفوا بعظمة لسانهم .. وصريح أقوالهم : أي لم يصح في فضل العقل شيء (؟؟!!) .. نعم هكذا قالها ابن القيم رحمه الله ويؤيده أكثر أهل الحديث .. مع أن القرآن الكريم قال في غير موضع منه .. ( أن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) وفي أخرى ( .. لقوم يتفكرون ) ، وفي أخرى : ( أفلا تعقلون ) ، وقال : ( .. أم لهم قلوب لا يفقهون بها ) ويعني بالقلوب العقول كما في إجماع أهل التفسير .. ومع ذلك قالوا : لم يصح في فضل العقل شيء .. فسبحان الله القائل : ( فإنها لا تعمى الإبصار .. ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) .وأقولها صراحة : كنت واحداً من مئات الآلاف المسلمين لانفقه شيئاً عن هذه الرسوم ولانسمع حولها إلا جعجعة دون أن نرى طحيناً أبيض جليا للناظرين !!واذكر بالامتنان قناة المشكاة الوحيدة التي كانت تعرض الرسوم بالتسلسل والاستغراق كخدمة خبرية ومعلوماتية مهمة للمشاهدين مع انها قناة مسلمة .. وساهمت بقدر كبير في الرد على هذه الجريمة الأخلاقية وشنت حملات موجهة إليها ساهمت في تعرية هذا الحدث للمسلمين وغير المسلمين بجلاء ! .بينما بقينا كالأنعام مع بقية وسائل الإعلام الإسلامية لو سألنا أحد : ماذا قال الشيطان قلنا : هاه ، لا درينا ولا تلينا (!!!) غير إننا نردد ما يقول الناس ونخوض مع الخائضين !! .وفي إطلاله خفيفة على الحقيقة الضائعة ، فإن رب العالمين يحكي أقوال المشركين المخجلة في حقه جل جلاله وفي حق رسوله (ص) وهو كتاب أنزله إلينا هدى للناس ، فقال في سورة الطور أيه (30 ، 31 ) : ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين ) . وقال من سورة الذاريات ، أية ( 52 ، 53 ) : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون + أتواصوا به ، بل هم قوم طاغون ) .وقال في الآية (29) من سورة الطور : ( فذكر فما أنت بنعمه ربك بكاهن ، ولا مجنون ) .. وقال في الآيات بعدها ( أم يقولون شاعر تربص به ريب المنون ) .. أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون ، إلى أن قال : فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ) . وهذه الآيات وغيرها أكثر هي أصل القاعدة المعروفة أن ناقل الكفر ليس بكافر إذا نقله على سبيل الإنكار وليس على سبيل الرضا والقبول فتأمل أخي القارئ الكريم.. ثم انظر إلى هذه المزايدات الفارغة التي يتحفنا بها القضاء ومعه النيابة وجامعو التبرعات للمحامين والتي وصلت ملايين الريالات ليس لمحاكمة الدنمركيين الذين لا سبيل إليهم .. ولكن لمحاكمة المسلمين الغيورين على شخص وكرامة سّيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم) بذرائع وتخاريج أوهى من خيط العنكبوت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وإذا كان الشيء بالشيء يذكر .. مصائب قوم عند قوم فوائد .. فإن هذه الرسوم كانت من الضحالة الثقافية بمكان لا يخفى على المبتدئين في ألف باء الإسلام فكيف بالعارفين (!) .. ومع ذلك ، أثاروا حولها الغبار بعد أشهر من نشرها .. وكأن المسلمين نيام لايوقظون إلا بأجراس معلومة ورنات منظومة من جهات محدودة .. وقامت الفتاوى بتحريم ومقاطعة منتجات البلد الذي تم النشر فيه .. في الوقت الذي يعيش المسلمون عالة على منتجاته ومنتجات غيره منذ قرون سبقت ولغاية قرون تلحق كما هو واضح للعيان (!) .وعلى كل حال .. الإسلام دين يعتز به أبناؤه دون هوادة .. ورسولنا العظيم (صلى الله عليه وسلم) هو أسمى وأجل من أن تقدر على النيل من قدره أو تشويه صورته محاولات الخبثاء والملحدين بل هو كما قال الله : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .
مقاضاة الصحف .. وملكيون أكثر من الملك !!
أخبار متعلقة