أتصور أن لبنان يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه قياساً لاحتمالات المخاطر المتوقعة .. وتاريخ لبنان حافل بالكثير من المآسي الموجعة لكن في ذلك الكثير كانت الحروب الأهلية دون وجود غالب أو مغلوب.. بل ربما أن إنهاك كل الأطراف ويأس كل طرف من أن يكون مسيطراً على الوضع هو الذي يلزم الجميع باللجوء إلى السلام.. الوضع الآن مختلف تماماً وقد أكد خطاب حسن نصر الله هذا الاختلاف ودعمته تصريحات جنبلاط ثم جعجع.. قبل خطاب نصر الله كنت أتوقع أن الحرب التي أدت إلى تكسير جميع قوى الجسد اللبناني سوف تعيد الجميع إلى واقعية مرنة ومنطقية.. لكن نصر الله طرح مفاجأة لم تكن متوقعة وهي اعتبار حزب الله قد انتصر وأنه لن يتخلى عن سلاحه إلا بعد وجود حكومة بمواصفات خاصة.. وصفها جنبلاط بأنها مواصفات نصر الله نفسه.. ثم أعلن رؤية خاصة جديدة مضمونها يطلب من العالم العربي الابتعاد عن لبنان وعن مساعي السلام طالما لا وجود لكفاءة الحرب وباعتبار أن حزب الله هو الذي يملك قدرات الحرب فإنه سيبقى محتفظاً بسلاحه تواصلاً مع هذه المهمة.. بدعم من صاحب مشكلة أكبر هو إيران.. هل بهذا نعرف من هو البديل الداعم؟.. العرب أساساً هم داعمو احتياجات مجتمع وليسوا داعمي سلاح فئة وهم ينشطون مساعي سلام ولن يكونوا مغامري حروب.. متى كانت قرار فئة أو طائفة وليست قرار دولة.. ليست للمملكة أو مصر أو الأردن قضية خاصة مع الغرب تناور بها من خلال لبنان.. من هو في هذا الواقع هو من يضع حزب الله في هذه المهمة.. ثم من ناحية المنطق.. هل يجوز أن يتجمع تسليح فلسطيني داخل الأردن ويعلن الحرب على إسرائيل دون إطلاع الحكومة الأردنية؟.. هل يجوز أن يعمد الإخوان المسلمون في مصر - وهم لن يفعلوا ذلك - إلى تنظيم وجود مسلح ثم يعلنوا الحرب من سيناء دون إطلاع الحكومة المصرية؟.. وهل يجوز للمتطرفين في المملكة أن يجمعوا مجاهديهم ويعلنوا حرباً ضد الأمريكيين في العراق دون إطلاع حكومة المملكة؟.. هذا طبعاً غير جائز ولا تستطيع أن تمارسه أي فئة ليس في العالم العربي ولكن أيضاً في اسبانيا أو إيطاليا أو البرازيل أو أندونيسيا أما في لبنان فيمكن أن يحدث ذلك.. وقد حدث فعلاً.. مروان حمادة قال في تصريح مهم: "دول الخليج ساهمت في صمود الليرة وعدم إفلاس لبنان ووقوعه في المجاعة".. هل هذه الحقائق لا تهم قادة حزب الله؟.. وهل عشرون ألف صاروخ بمقدورها أن تقدم الدواء والغذاء والسكن للبنانيين الذين فوجئوا بحرب فُرضت عليهم؟.. وهل من قدم العشرين ألف صاروخ قادر على أن يقدم الدعم الاقتصادي لليرة اللبنانية وللمجتمع اللبناني؟.. ما يحدث يخالف المنطق بشكل صارخ وغير موجود في أي دولة أخرى.. وقد لاحظنا من تصريحات مساء يوم الأحد الماضي كيف كان بريق السكاكين في منطق بعض الرافضين للواقع الراهن.. فكيف ستكون الحال إذا عُزل لبنان عن فرص عيشه عبر معابر حدوده الخطرة وتفرغ لصراعات فئاته في الداخل؟..[c1]*عن/ صحيفة ( الرياض ) السعودية[/c]
بريق السكاكين
أخبار متعلقة