أكان اعتراف وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في المحافظات والمديريات بتردي أوضاع العملية التربوية والتعليمية مبكراً أم متأخراً، فان هذا الاعتراف مهما كانت سمته لم يحقق شيئاً يذكر لحلحلة وتحسين الأوضاع التربوية والتعليمية، لهذا العام أو الأعوام التي خلت والتي لم تشهد تقدماً ولو بسيطاً، في أي من جوانبها المختلفة بدءاً من استحداث وبناء وتشييد المدارس أو في إعادة تأهيل ما هو قائم منها، وانتهاء بانتظام واستقرار سير الدراسة في مرحلتي التعليم الاساسي والثانوي، أو في وجود وتوفير المدرس الكفؤ، إضافة إلى العجز الشديد والتناقص المستمر للمدرسين في مجمل المواد وتحديداً منها المواد العلمية.
وأياً كان ما درج عليه وزير التربية الحالي والسابقين له، ومدراء المكاتب في المحافظات والمديريات الحاليون أو السابقون من حب مداومة الظهور والخروج على الناس مع اقتراب العام الدراسي من نهايته، ومع وأثناء لبخة الاستعدادات والتحضير للامتحانات السنوية النهائية، ليعقدوا لقاءات ويدلوا بتصريحات يستعرضون فيها ومن خلالها مراتع الجذب القاحلة والمفجعة التي تعيشها وتدخل فيها وتحف بها الأوضاع التعليمية والتربوية.
فإن هذا الظهور والخروج الذي اعتاد عليه المشتغلون في الحقل التربوي والذي غالباً ما يتم في الوقت الضائع والحرج ليكون لها بمثابة انجاز مهمة أو ابراء ذمة أو حل لأزمة ينصرفون بعدها آمنين مستبشرين للبيات والهجوع الذي يمتد ليس طوال فترة الاجازة الصيفية فحسب وانما إلى قرب موعد الانتهاء من عام دراسي جديد لينتبهوا منتفضين من غفوتهم معلنين عن وجودهم بعقد لقاءات وادلاء بتصريحات التي لا تكلف شيئاً ولا تقدم أو تؤخر شيئاً في محيط العملية التربوية التعليمية الآسن والمشبع باسباب حصد مزيد من مظاهر التراجع والتردي والانهيار عاماً بعد عام، والمتمثلة اضافة إلى ما ذكرناه في مزيد من التغاضي المنقطع النظير عن معالجة الانفلات الاداري وشيوع وتوسع المدرسين (البدل) ليذهب من تبقى من مدرسين إلى منازلهم أو الانخراط في اعمال اخرى، أو المداومة في وامام مكاتب التربية للاضراب أو المطالبة بحقوق أو المتابعة للحصول على فرصة للتفرغ أو الاعفاء أو القبول بالبدل نظير التنازل عن جزء من راتبه.
وعليه فان ما يعتقد القائمون على وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في المحافظات انهم بنشاطهم الموسمي المتمثل بالبروز امام الكاميرات والعدسات لشرح وتبرير معوقات ومشكلات وكوابح العملية التربوية، قد استطاعوا بذلك ان يقدموا انفسهم طرفاً مغلوباً على امره ومجنياً عليه، فان الحقيقة التي لا يريدون ان يروها أو يعترفوا بها تظل قائمة وغير قابلة للمسح والشطب.
حقيقة ظلت ومازالت قادرة على أن تصرخ وتقول معرضة بعجز وزارة التربية والتعليم عن بلوغ الهدف من وراء وجودها كوزارة بدلاً من ان ترتقي بالمستوى التعليمي اصبحت تكرس وتدعي الجهل والأمية والتخلف وتوسع وتعمق من الظواهر والممارسات اللا تربوية.
فينك يا تعليم زمان؟!
أخبار متعلقة