إعداد/ وهيبة العريقيالخير معقود بنواصي أهل الحكمة والأيمان عبر الأزمان.. هكذا هم اليمانيون لمن استوعب مكانتهم في وصف نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم ) فيما روي عنه من قوله: (الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية).لكن البعض يحيد عن هذه المكانة بعيداً عن العقلانية والحكمة؛ مغلقاً منافذ التفكير عن فهم واستشعار حقيقة ما يجلب للأسرة والمجتمع النفع والحماية الدائمة.لقد أمرنا الإسلام بألا نصغي أو ننصاع للخرافات والترهات، وجعل للعقلانية والعلم مكانة عظيمة لا محل لهما في غيره من الأديان الأخرى، وللصحة أرسى قواعد النظافة والتداوي بكل دواءٍ أودع الله فيه الشفاء لخلقه.فلا يليق بأهل هذا الدين القويم من حملة كتابه العظيم وتعاليمه الكريمة تغليب الأهواء في بعض المسائل والارتهان لمجرد أقوالٍ لم يثبت صحتها بتاتاً لمجرد سماعها، وأعني هنا تحديداً من ينصت لمن يزدري ويشوه التحصين الصحي للأطفال ويروج ضده الشائعات.فكيف بمن يفتي بتحريمه مستنداً لنصوص شرعية لا علاقة لها بالتحصين على الإطلاق؟ بما ينم عن سوء فهمه للقواعد الفقهية والنصوص الشرعية في الاستنباط والقياس وأقوال السلف من أهل العلم وكبار فقهاء الأمة الذين لم يكونوا ليقروا أمراً ولا يصدرون فتوى إلا بعد تمحيص وفهم كامل للواقع وما وافق قاعدة الحلال والحرام، مقدمين مصلحة المسلمين في أمورٍ كثيرة طالما ليس فيها تحريم نصي في الكتاب أو السنة؛ من منطلق القاعدة الشرعية: «لا ضرر ولا ضرار»، وجلب المصالح ودرء المفاسد. ومن موقع المسؤولية تجاه أطفال هذا البلد الطيب- يمن الإيمان والحكمة- نؤكد على أهمية تفهم المرحلة الراهنة والوضع الذي تعيشه البلاد وما استجد فيه من تعقيدات على الواقع، ففيروس شلل الأطفال قد تأكد وجوده وانتشاره في الصومال وما جاورها وفي سوريا أيضاً، بما يستدعي الجاهزية العالية ومضي وزارة الصحة في تنفيذ المزيد من حملات التحصين الوطنية لمنع خطر ظهور فيروس الشلل مجدداً، وألا يتخلف الآباء والأمهات عن تحصين جميع أطفالهم دون سن الخامسة في كل حملة تحصين مهما تكرر تنفيذها، إلى جانب حرصهم على تحصين سائر أطفالهم دون العام والنصف من العمر بكامل جرعات التطعيم الروتينية المعتاد ضد أمراض الطفولة القاتلة في مواعيدها المحددة.لاشك أن الحارم لأطفاله من التحصين يرتكب- عن غفلة أو جهالة- جُرماً خطيراً إذا ما أصيب أي،منهم بفيروس شلل الأطفال، وبجرمه هذا يجني- أيضاً- على الأطفال الآخرين من حولهم ممن لم يحصلوا بعد على مناعة كافية ضد الفيروس، مُشكلاً بذلك شرخاً غائراً في البنيان المنيع الذي شيدته الجهود المتواصلة على مر السنين لتأمين الصحة والسلامة للأجيال، في موقع يتيح عودة هذا المرض من جديد وتمكنه من الانتشار- لا سمح الله- متى تهيأت له الظروف المواتية، ليبدد بذلك مساعي الحفاظ بقوة على نقاء وصفاء بيئة اليمن من دنس هذا الفيروس ودرأ خطره المروع.إذن، ليس من حلٍ يغني عن تطعيم جميع الأطفال دون سن الخامسة بجرعات متعددة من اللقاح المضاد لهذا المرض كلما تجددت الدعوة إلى تحصينهم، بمعية استكمال الأطفال دون العام والنصف من العمر كافة جرعات التحصين الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية؛ من أجل أن يكتسبوا مناعة كاملة ضد فيروس الشلل.وما تزايد عدد حملات التحصين التي تنفذها وزارة الصحة ضد شلل الأطفال إلا انعكاس لحرصها على ديمومة وقاية فلذات الأكباد وعدم ترك أي فرصة لعودة الفيروس المسبب للمرض للظهور في اليمن قادماً من بلدان في أفريقيا أو آسيا موبوءة أو ينتشر فيها الفيروس. حري، بالجميع الإصغاء لمنطق العقل والعلم والدين الحنيف وتعاليمه الكريمة الحاثة جميع المسلمين على التداوي طلباً للاستشفاء والتي تدعو - أيضاً- إلى ضرورة تجنب المسلم الأمراض والعلل ما أمكن، وهو ما يعني الوثوق من بأن التطعيم ضد شلل الأطفال السبيل الوحيد لحماية وصون جميع الأطفال من ويلات هذا الداء؛ لما يسببه من عجزٍ لبدن الإنسان يبقيه معاقاً ومشوهاً مدى الحياة أو بوحشية يُسلمه للهلاك.إن الفرصة سانحة- تماماً- لتلافي أي مخاوف من هذا القبيل مادامت حملات التطعيم ضد شلل الأطفال قائمة كهذه الحملة الوطنية التي تشمل سائر محافظات الجمهورية في الفترة من(11 - 13 أغسطس2014م)، وتستهدف - من منزلٍ إلى منزل ومن خلال المرفق الصحية المقدمة لخدمة التطعيم وسائر المواقع المؤقتة والمستحدثة التي تتخذها فرق التطعيم- جميع الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم ومن لم يحصنوا من قبل؛ بمن فيهم المواليد حديثاً. كما إن الآباء والأمهات مطالبون- أيضاً- بتحصين جميع أطفالهم دون العام والنصف من العمر بكامل جرعات التحصين الروتيني بالمرافق الصحية في مواعيدها المحددة، كونه الأساس المتين لوقاية فلذات أكبادهم من شلل الأطفال وأمراض الطفولة القاتلة.ولا يقتضي التحصين خلال الحملة الـتأجيل بأي حالٍ مما ذكرت، كونه لا يلحق أي ضررٍ أو مشكلة بصحة الطفل، كذلك ليس ما يمنع التطعيم من موانع معتادة تقتضي تأجيل جرعته المطلوبة كالحمى العادية أو الإسهال أو المرض الطفيف أو نزلة البرد أو الزكام، حتى وإن اتضحت إصابته بالحصبة.غير أن الطفل متى كان يعاني من الإسهال خلال الحملة - ولو كان متزايداً- يُحصن ضد شلل الأطفال دون مشكلة، ثم يُعاود تحصينه مرة أخرى بعد توقف الإسهال مباشرة؛ تعويضاً له عن الجرعة السابقة التي ربما لم يستفد منها، وحتى تؤدي الجرعة الجديدة دورها الوقائي المطلوب. وفي حال أن ظهرت أعراض سلبية على الطفل المحصن فلا تعتبر بسبب اللقاح لأنه آمن للغاية، وإنما يعود سببها- على الأرجح- لمرضٍ غير متوقع لا علاقة له بالتطعيم على الإطلاق.لعل أسوأ ما تواجهه فرق التطعيم في الميدان من صعوبات تعيق كثيراً خط سيرها أثناء قيامها بتحصين الأطفال خلال الحملات، ما يبديه قلة من الناس من مخاوف - لا أساس لها- من اللقاح، حيث قد يلجأ البعض إلى الكذب أو التضليل أو يعمد إلى إخفاء أطفاله. وهذا- في واقع الأمر- يسبب إرباكاً للمطعمين ويؤخرهم عن تأدية عملهم بالوتيرة المطلوبة، وبَدل أن يسير المطعمون في خط سير معين يضطرون- بسبب هذا الإرباك- إلى الـتأخر أو تعديل خط السير.وفي الأخير.. أقول لكل القلوب المغمورة بالحب والحنان لأطفالهم: أن هبوا لتحصين جميع من لم يتجاوزوا سن الخامسة خلال حملة التحصين الوطنية ضد شلل الأطفال- الجولة الثانية اعتباراً من (11-13أغسطس الجاري)، فكل ما عليكم لأجل تحصينهم أن تنتظروا قدوم المطعمين المتنقلين إلى منازلكم أو التوجه بفلذات أكبادكم المستهدفين إلى أقرب مركز أو وحدة صحية أو مستشفى يقدم خدمات التطعيم أو لأي مرفقٍ أو مكان تتواجد فيه فرق التطعيم.فالحكمة تتجلى في تحصين أولادكم، وليس لامرئ أي نصيب منها إذا أعرض ونأى عن وقايتهم بالتحصين وإن كان ينتمي لأرضٍ وصف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أهلها بأنهم أهل الإيمان والحكمة، فكيف لعاقل أن يصير نقيضاً عن هذه الميزة الربانية التي ميًّز الله بها أهل اليمن؟! ويرتضي بالجهالة والعمى مصغياً للخرافات والخزعبلات التافهة التي يرددها بعض الجهلة أو المرجفون في الأرض الذين لا يروق لهم أن يروا أجيال اليمن.. بناة المستقبل موفوري الصحة وبكامل عافيتهم.
لا تفوتوا الحماية لأطفالكم.. حصنوهم لأجل صحتهم
أخبار متعلقة